آخر ، وكل لا يعلم بما فعله الآخر ، حتى التقى الفريقان عند كنيسة مريم فرقة بالسيف ، وفرقة بالأمان ، فهل هي من المفتوحة عنوة أو صلحا؟. لعل الظاهر انها ليست من العنوة ، لعدم تحقق تمامية الاستيلاء بها ، ولا عبرة بلوائح الفتح وعلاماته قبل أن تضع الحرب أوزارها ، كما لا عبرة بالكر والفر في الغلبة قبل ذلك ، ويحتمل أن يكون المدار ـ حينئذ ـ على ما فعله أمير الجيش.
الأمر الخامس عشر : في تعيين المفتوحة عنوة ، وما أخذ بها ـ وحيث لم تسعني المراجعة التامة إلى كتب التواريخ والسير ، فلا جرم اقتصرت في بيان ذلك على ما ذكره (الكركي في قاطعة اللجاج) لكونه مشتملا على جملة من كلمات الأصحاب ، وشطر من روايات الباب.
قال المحقق المذكور في (رسالته) (١) : «اعلم ، إن الذي ذكره الأصحاب من ذلك مكة ـ زادها الله شرفا ـ والعراق والشام وخراسان وبعض الأقطار ببلاد العجم.
وقد تقدم في بعض الأخبار السابقة : أن البحرين من الأنفال (٢).
فأما (مكة) : فإن للأصحاب في كونها فتحت عنوة أو صلحا خلافا ، أشهره أنها فتحت عنوة ، قال الشيخ في (المبسوط) : ظاهر المذهب أن النبي (ص) فتح مكة عنوة بالسيف ، ثم آمنهم بعد ذلك ،
__________________
(١) راجع هذا الكلام المنقول بطوله في المقدمة الرابعة في تعيين ما فتح عنوة من الأرضين من الرسالة المذكورة.
(٢) يشير إلى حديث سماعة بن مهران ـ كما في تهذيب الشيخ ، كتاب الزكاة باب الأنفال حديث (٣٧٣) : «قال : سألته عن الأنفال ، فقال كل أرض خربة أو شيء كان للملوك ، فهو خالص للإمام ليس للناس فيها سهم ـ وقال ـ : ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب».