ثم إن مقتضى ما ذكرنا من أن الحق نحو من الملك ومرتبة من مراتبه : كونه بحسب طبعه قابلاً للانتقال بالإرث ، ويشمله النبوي المشهور : «ما ترك الميت من حق فهو لوارثه» (١) وغيره ، ما لم يستفد من دليله ـ أو من الخارج ـ أنه متقوم بخصوص ذي الحق ، وليس له قابلية الانتقال بالإرث فمثل حق القسم الذي هو للزوجة على الزوج ـ وان كان قابلاً للنقل إلى ضرتها (٢) بالصلح عليه مجانا فقط ـ كما عن جماعة من أصحابنا ـ قدس سرهم ـ أو حتى إذا كان بالمعاوضة عليه ـ كما هو مقتضى القاعدة ما لم يقم إجماع على خصوص المجانية ـ ولكنه غير قابل للانتقال بالإرث ، حتى إلى الضرة ، كما لو تزوج شخص بامرأة ، ثم تزوج بعمتها أو خالتها ، ثم ماتت إحداهما وكان الوارث لها ضرتها ، فإنها لا ترث حق القسم منها
ولعل الفرق بين النقل والانتقال بالإرث : أن الحق المذكور انما هو للزوجة ما دام الحياة بمعنى أن قوامه الحياة فلها نقله وتفويضه الى مثلها ، وبموت الزوجة ينعدم موضوع الحق وينتهي أمده ، فلا متروك حتى يورث.
وبالجملة ، فظاهرهم التسالم على عدم انتقال الحق المذكور الى الوارث مطلقا.
ومن الحقوق ـ غير القابلة للنقل بل ولا الانتقال على الظاهر : ـ ما كان من قبيل حق الغيبة والشتم والضرب والإيذاء ـ بناء على كونها من الحقوق وعدم كفاية التوبة فيها بل لا بد من إرضاء ذي الحق وإبرائه
__________________
(١) راجع : كتاب مكاسب الشيخ الأنصاري ، باب الخيارات ، الكلام في أحكام الخيار.
(٢) الضرة ـ بالفتح والتضعيف ـ : تطلق على كل من زوجتي الرجل أو زوجاته ، فهما ضرتان ، وهن ضرائر.