بسم الله الرّحمن الرّحيم
مسألة : اشتهر بين الفقهاء ـ سيّما المتأخرين منهم ـ : أن كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، حتى أسسوها قاعدة كلية وأرسلوها إرسال المسلمات ، بل صرح بعضهم بكليتها ، طردا وعكسا ، وهي : ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده (١).
__________________
(١) أقول : هذه قاعدة ذكرها الفقهاء ـ قدس الله أسرارهم ـ في مقام بيان الضابط لتمييز ما يضمن فيه مورد العقد الفاسد ومصبه مما لا يضمن فيه مورده.
وليست هي لبيان سائر موارد الضمان.
بل هي خاصة بموارد العقود الفاسدة ، وما كان منها أقرب الى كونه إيقاعا من كونه عقدا ، كالخلع والجعالة.
ومفادها : أن كل ما صدر من العقود وما يلحق بها على جهة المعاوضة فالفاسد منه كالصحيح مقتض للضمان ، وما صدر منها لا على جهة المعاوضة ، بل على وجه المجان ، ففاسده كصحيحه لا يقتضي الضمان.
مثلا : لو بذلت الزوجة مالا للزوج ليخلعها ويخلصها عن ربقة الزوجية ، فخلعها على ما بذلت ، وكان الخلع فاسدا لعدم اجتماع شروط صحته ، يضمن لها ما بذلته له لكونها لم تبذله مجانا ، بل عوضا عن خلاص نفسها عن تلك الربقة وكذا الكلام في الجعالة في صورة فسادها ، حيث أن العامل لم يبذل عمله تبرعا ، وانما بذله بإزاء الجعل ، فيضمن الجاعل له ما استوفاه من عمله بأجرة مثله.
ثم إن من عبر عن القاعدة بقوله : «كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» ومن عبر عنها بقوله : «ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» فالمفاد والمقصود فيهما واحد.
ولعل المعبر بالعبارة الثانية قصد تعميم القاعدة للإيقاعات المشتملة على التعهد والضمان ـ كما ذكرنا ـ