ثم إن ما ذكرناه أخص مما أطلق بعض في تعداد أسباب الضمان : القبض بالعقد الفاسد ، فإنه يشمل ما لم يكن مضمونا بصحيحه كالعارية. بل وسائر التمليكات المجانية ، فلا بد من حيث تخصيص القاعدة أو تعميمها من النظر الى مدركها ، فان كان هناك ما يستفاد منه عموم القاعدة كحديث : «على اليد» (١) وجب تخصيصها بالكلية الثانية ـ بعد تسليمها ـ لورودها عليه.
وكيف كان ، فهنا قاعدتان : إحداهما إيجابية ، وهي «كل ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» والأخرى سلبية وهي : «كل ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده».
والكلام في الكلية الإيجابية يقع ـ مرة ـ في معناها ، وأخرى ـ في مدركها :
أما معناها ، فنقول ـ وبالله التوفيق ـ : أما كلمة (ما) فيحتمل أن تكون كناية عن المقبوض باعتبار القبض أو ما بحكمه من الاستيفاء للعمل لأنه الموجب للضمان والسبب له بلا واسطة ، أو عن العقد ـ كما وقع التعبير به في بعض العبارات ، لأنه سبب لما يترتب عليه من القبض ، وموجب له بواسطته ، وبشرط تحققه.
ويبعده ـ مع كونه مرجوحا ـ بالنسبة إلى الأول ، لما عرفت من لزوم الواسطة في النسبة ـ : انه انما يتم في العقد الصحيح ، وأما الفاسد فلا
__________________
(١) ونص الحديث هكذا : «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» ذكره العجلوني في (كشف الخفاء : ج ٢ حديث ١٧٦٨) عن عامة كتب الصحاح ، ونقل عن الترمذي وأبي داود بلفظ (تؤدي). وورد ذكره بصيغتيه ـ أيضا ـ في عامة كتب الفقه والحديث ـ من الفريقين.