في الظاهر بسبب المصلحة. وهذا بخلاف الجزية الموجبة للحكم الواقعي في حقهم ما داموا قائمين بشرائط الذمة.
ولعله الى ما ذكرنا أشار المولى الأردبيلي ـ رحمه الله ـ في (شرح الإرشاد) بقوله : «هذا إنما يكون مع قوم يصح أخذ الجزية منهم وتقريرهم عليها وعلى دينهم ، وهو ظاهر ، وإن فعل مثل ذلك بغيرهم فلا يكون المأخوذ جزية ، ويكون ذلك صلحا لمصلحة يعلمها صاحبها (١) وعليه ينزل كلام شيخنا في (الجواهر) حيث قال ـ في وجه تسمية بعض أرض الصلح بأرض الجزية ـ : «ولعل المراد : أنه الذي وقع من النبي (ص) وإلا فالظاهر من المصنف وغيره عدم الفرق بينهم وبين غيرهم ، لعموم أدلة الصلح ، وليس ذلك من الجزية المختصة بأهل الكتاب ، اللهم إلا أن يدعى اختصاص مشروعية الصلح بهم كالجزية» انتهى (٢).
وبعد تحرير هذه الكلمات عثرت على عبارة (المنتهى) وهي : «مسألة إذا حاصر الامام حصنا لم يكن له الانصراف عنه إلا بأحد أمور خمسة : الأول ـ أن يسلموا ـ الى أن قال ـ : الثاني ـ أن يبذلوا مالا ، فان كان جزية ، وهم من أهلها قبلت منهم ، لقوله تعالى (حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) (٣) وان لم تكن جزية بأن كانوا حربيين اعتبرت المصلحة فإن وجد الامام من المصلحة قبوله منهم ، وإلا فلا» انتهى.
المقالة الثالثة ـ في أرض من أسلم أهلها ـ طوعا كالمدينة المنورة ، والبحرين ، وبعض بلاد اليمن ـ على ما قيل ـ بدعوة كان إسلامهم أو بدونها
__________________
(١) راجع ـ في ذلك ـ كتاب الجهاد ، المطلب الثالث في الأرضين ـ في شرح قول العلامة في الإرشاد : (الثاني أرض الصلح لأربابها على الخصوص.)
(٢) راجع ذلك في كتاب الجهاد منه ـ أحكام الأرضين ـ في شرح قول المحقق (وكل أرض فتحت صلحا فهي لأربابها.)
(٣) سورة التوبة ، آية ٢٩.