من المشموم الى الحلق ويتجاوزه كما يصل في شم الرائحة الغليظة من القدر المغلي المستوجبة لدخول أجزاء من المشموم الى الجوف فهو مثل الأكل والشرب والنكاح في المفطّرية.
وأمّا النحو الثاني الذي يكون فيه جرم ويستهلك قبل الوصول الى الحلق والجوف ـ كما في الغبار الذي يتفق كثيراً من إثارة الهواء في فصل الربيع في بعض البلاد ، ويدخل فضاء الفم ويستهلك مع البصاق ، أو الرائحة القليلة أو الماء الذي يصل الى فضاء الفم ويستهلك فيه بحيث لا يعدّ شيئاً خارجياً ـ فلا يحسب أكلا أو شرباً ، ويعدّ معه الإنسان مجتنباً للطعام أو الشراب ، ولهذا فلا يحسب مفطّراً. ومن هذا القبيل قرص « النيتروغليسيرين » ونحوه الذي يوضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية إذ لا يصل منه شيء مع الريق الى البلعوم كما اتفق الأطباء على ذلك.
وقد يستشكل « في صورة الاتحاد في الجنس » فيقال : بمنع تحققّ الاستهلاك لأنّ الاستهلاك إنّما يتصور في غير المتجانسين كالغبار والماء بحيث يكون الاستهلاك موجباً لانعدام الغبار وزواله ، أمّا المزج الحاصل بين المتجانسين كالماء الخارجي مع الماء في داخل الفم فهو موجب لزيادة الكميّة والاضافة بواسطة المزج فلا يتصوّر الاستهلاك.
والجواب : أننا إذا لاحظنا نفس الممتزجَين المتّحدين في الجنس والذات ـ ماء خارجي وماء داخل الفم ـ فإنّهما من طبيعة واحدة أزاد أحدهما الآخر ، أما إذا نظرنا إلى الوصف الذي يتّصف به احدهُما دون الآخر فلابدّ من الالتزام بالاستهلاك فيه ، كما إذا فرضنا أنّ ماءً معيناً مغصوباً لا يجوز التوضّؤ به ، أخذنا منه قطرةً وألقيناها في حوض ماء غير مغصوب فهنا لا استهلاك بالنسبة الى ذات الماء ، أمّا بالنسبة الى خصوص المغصوب فقد استُهلكت ؛ لأنّها غير باقية بعد الامتزاج إذا كان قطرةً واحدة ، فلا يطلق على ماء الحوض المملوك أنّ فيه ماءً مغصوباً ،