فقوموا بأعباء العزاء فإنّه |
|
جليل وأمّا غيره فزهيد |
لأي مصاب يذرف الشأن ماءه |
|
وتقضى نفوس أو تفت كبود |
لأعظم من هذا المصاب وخطبه |
|
عظيم على أهل السماء شديد |
مصاب له في كلّ قلب مصيبة |
|
سهام لحبّات القلوب تبيد |
وللهم هم والرزايا رزية |
|
وللحزن حزن زائد ويزيد |
إليكم يابني الزهراء يامن سمت بهم |
|
إلى المجد آباءهم لهم وجدود |
ونقل ابن الجوزي في كتابه «مفاتيح الغيب» أنّ صالح بن عبدالله قال : عندما أحرقوا الخيام وفرّ أهل البيت عليهم السلام في كلّ مكان رأيت طفلة قد أخذت النيران بأطرافها وهي تبكي وتفرّ من الأعداء فرّق قلبي لها ودنوت منها لأخمد النيران ، ولمّا سمعت صهيل فرسي اشتدّ خوفها وارتاعت أكثر فقلت لها : لا بأس عليك بنيّة لا تخافي إنّما هي النيران قد علقت بأطرافك وأردت أن أخمدها.
وبينما كنت أطفأ النيران في أذيالها التفت إليّ وقالت : يا شيخ أنا عطشانة ، فهل إلى شربة من الماء سبيل؟ فرقّ قلبي لها وناولتها قدحاً من الماء.
فأخذت القدح وجعلت تتمعّن وتحقّق النظر فيه وهي تتحسّر ، ثمّ أنّها تركتني وجدّت في السير ، فتساءلت منها وقلت : إلى أين تريدين؟ فقالت : إنّ أُختي الصغيرة هي أشدّ منّي عطشاً.
فقلت لها : لا تخافي ، فلن يمنعوكم من الماء بعد اليوم ، وريثما أخبرتها بذلك التفت إليّ والحزن والألم بادي على وجهها وقالت : أسألك يا شيخ ، لقد كان والدي عطشاناً حينما ذهب إلى الميدان ، فهل سقوه ماءً؟
فقلت لها : بنيّة والله لقد سمعته إلى اللحظات الأخيرة وهو ينادي : اسقوني شربة من الماء ، فلم يسقه أحد حتّى قضى عطشاناً.
فانتحبت لعطش والدها وامتنعت عن شرب الماء.