وهبتكم حقّي والأرض لكم وأنا معكم من العاملين ، وبهذا الشكل بدأوا ببناء المسجد الأقصى ، حتّى حمل النبي داود عليه السلام مع الناس الحجارة الكبيرة بنفسه وفي أثناء البناء جاء الخطاب الإلهي لداود عليه السلام : قد انتهى دورك من البناء وما تبقّى يكمله إبنك سليمان فأت بما أُمرت به ، وكان عمر داود عليه السلام آنذاك ـ أي حينما بدأ ببناء المسجد ـ ١٢٧ عاماً ، وتوفّي وعمره ١٤٠ عاماً.
ثمّ جاء سليمان عليه السلام وله من العمر ١٣ عاماً وجلس في مجلس أبيه وبدأ العمل في إكمال المسجد المقدّس إلّا أنّه إمتاز بكادر عمّالي عجيب وغريب وفريد من نوعه فقد عمل معه الجنّ والإنس سواء ، فكانوا يجلبون له الحجر الأبيض والأخضر والمعادن والأحجار الكبيرة والعريضة حتّى أكمل بناء المسجد وأكمل مدينة القدس التي قسّمها إلى اثنتي عشر قسماً على عدد أسباط بني اسرائيل.
وقد استغرق إنجاز هذا المشروع العملاق أربعين عاماً متواصلة من العمل الدؤوب ، فكان عرمه عليه السلام آنذاك ٥٣ عاماً ، وفي مكان ما كانوا قد صنعوا لسليمان عليه السلام غرفة من الزجاج وكان عليه السلام قد أمر بعدم الدخول عليه إلّا مع أخذ الرخصة والإذن منه ، فوقف يوماً وهو ملكاً على عصاه في هذه الغرفة وفجأة دخل عليه أحدهم فتعجّب سليمان عليه السلام من ذلك وقال له : من أنت؟
فقال : أنا الذي لا أقبل الرشاء ولا أهاب من الملوك ، أنا ملك الموت فقبض روحه وعلى هيئته التي كان عليها.
وتُعدّ اليوم منطقة بيت المقدس والمسجد الأقصى من المناطق الجذّابة في العالم بآثارها وطبيعتها الخلّابة وأشجار الفواكه الشهيرة فيها.
٥ ـ دمشق : وهي اليوم دولة سوريا ومركزها الشام يطلق عليها ـ أي على العاصمة ـ دمشق ، لقد بنيت هذه المنطقة العامرة على يد أحد أولاد سام بن نوح عليه السلام على رأي بعض المؤرخين ، بينما ذهب البعض الآخر أنّ نسبتها إلى غلام إبراهيم الخليل عليه السلام ، وذهب آخرون أنّها لغلام النمرود بن كنعان ، وعلى أي حال فإنّ دمشق تمتاز بهوائها