كما ويُعدّ المسجد الأقصى من المساجد المحترمة والمعظمّة في العالم فهو ـ كما سلف ـ قبلة المسلمين الأُولى ومسجد ليلة المعراج ومن أكبر المعابد التي يقصدها اليهود والنصارى والمسلمين الذي لم يسمع ولم ير مثله قطّ ، فإنّ الصلاة فيه تعدل ألف صلاة في غيره.
وأمّا قصّة بناء المسجد الأقصى فقد روي أنّ ذرّية إبراهيم الخليل كثرت ببركة الموقف العظيم لولده إسماعيل عليه السلام الذي استمرّ نسله وتكاثروا في فلسطين حتّى انزلق بعضهم عن طريق الهداية ومال إلى الضلال وعصى الربّ سبحانه وتعالى ، فأوحى الله للنبي داود عليه السلام الذي كان آنذاك حجّة الله في الأرض أن يقول للعصاة : إنّ الله تعالى سيبتليهم بثلاثة أنواع من البلاء ، إمّا ثلاث سنين من القحط ، أو ثلاثة أشهر من الحرب ، أو ثلاثة أيّام من الطاعون ، فلمّا أبلغهم بذلك قالوا : لا طاقة لنا بالقحط والحرب ، وأمّا الموت بالطاعون فنحن مستعدّون ، فذهب جماعة من العصاة واغتسلوا غسل التوبة ولبسوا الأكفان وخرجوا مع نسائهم وأطفالهم إلى الصحراء ينتظرون الموت ، بينما بقي القسم الآخر من العصاة في المدينة وهم يستهزؤون بهم فجاءهم الطاعون وقتلهم جميعاً ، بينما كان داود عليه السلام واقفاً على التلّ مع العصاة وقد توجّه إلى الله تعالى بالدعاء والتضرّع أن يغفر لهم حتّى استجاب الله دعائه وصلاته ورفع البلاء عنهم ببركته ثمّ خاطبه أن يبني على هذا التلّ مسجداً بمناسبة هذه الدعوة المستجابة ، «وهو مكان بيت المقدس اليوم ومكان خيمة النبي موسى عليه السلام والصلحاء من بني اسرائيل» فقبل الناس جميعاً بالتعاون لبناء هذا المسجد المقدّس ، إلّا أنّ أحد الصلحاء من بني اسرائيل قال : إنّ المكان ملكي ولا أسمح أن تبنوا عليه مسجداً دون رضاي ، فقالوا له : نعطيك ما تطلب حتّى ترضى ، فأوصلوا الخبر للنبي داود عليه السلام فقال لهم : لابدّ من رضاه ، فقال الرجل : أُريد مئة شاة ومئة بقرة ومئة جمل ، فلمّا كادوا أن يدفعوا له ذلك أبدى عدم رضاه أيضاً وقال : أُريد أن تحوطوا التل بحائط وتقيموا بما يعادله من الفضّة لكي أرضى. ومع ذلك أبدى الناس استعدادهم لارضائه ، فلمّا رأى همّتهم ونيّاتهم صادقة قال : قد رضيت بلا أن تدفعوا لي شيئاً وقد