تحريرها من الاستعمار الروماني ، فقد كان العرب يقصدونها للتجارة ، وقد سافر إليها النبي صلى الله عليه واله قبل بعثته برفقة عمّه في قصّة مفصّلة مفادها كالتالي :
فقد جرت العادة أن يسافر تجّار قريش إلى الشام كلّ سنة مرّة واحدة ، فعزم أبو طالب أن يشارك في رحلة قريش السنوية هذه ذات مرّة وقرّر أن يترك ابن أخيه محمّداً صلى الله عليه واله في مكّة في حراسة جماعة من الرجال ولكنّه وجد في ساعة الرحيل من ابن أخيه العزيز ما جعله يغيّر قراره المذكور واصطحب محمّداً صلى الله عليه واله معه وكان عمره الشريف آنذاك (١٢ ـ ١٣) عاماً ، ولمّا وصلت القافلة إلى منطقة (بُصرى) وهي إحدى نواحي الشام توقّفت عند راهب مسيحي وكانت القوافل التجارية إذا مرّت على صومعته توقّفت عنده بعض الوقت.
وعندما انتهوا عنده من الطعام كان الراهب ينظر إلى محمّد صلى الله عليه واله ويتأمّله جيّداً بنظرات فاحصة ثمّ قال : أيّكم وليّه؟ فقالوا : هذا وليّه وقد أشاروا إلى أبي طالب فقال الراهب لأبي طالب : إنّه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم نجده في كتبنا وما روينا عن آبائنا هذا سيّد العالمين ، هذا رسول ربّ العالمين يبعثه رحمة للعالمين ، إحذر عليه اليهود لئن رأوه وعرفوا منه ما أعرف ليقصدنّ قتله ....
ومنذ ذلك الحين صمّم أبو طالب على الرجوع مصطحباً معه ابن أخيه العزيز على قلبه فكرّا راجعين إلى مكّة بعدما رتّب أُمور التجارية مع بقيّة أصحابه في القافلة (١).
٢ ـ السفرة الثانية :
وقد سافر النبي الأكرم إلى الشام مرّة أُخرى وذلك حينما كان عمره الشريف (٢٥) عاماً إلّا أنّه كان لا يزال في كنف عمّه أبي طالب الذي كان يفكّر في عمل لابن أخيه وكان سبب سفره إلى الشام أنّ السيّدة الجليلة خديجة بنت خويلد التي كانت امرأة تاجرة ذات
__________________
(١) تاريخ الإسلام تأليف المحقّق الكبير آية الله الحاج الشيخ جعفر السبحاني ص ٢٧ (فارسي) ، وانظر السيرة النبوية ج ١ ص ١٨٢.