والحال أنّ الرسول ينفيها مطلقاً فلابدّ من القول بعصمتهم مطلقاً.
وممّا يدلّ على أنّ المراد بأُولي الأمر هم الأئمّة الأطهار عليهم السلام هو ما نقله المفسّرون من الروايات الكثيرة التي فسّر رسول الله صلى الله عليه واله فيها المراد الحقيقي من الآية ونصّ فيها على أسماء الأئمّة المعصومين عليهم السلام واحداً بعد الآخر إلى الإمام الثاني عشر عليه السلام.
ومن هنا يتّضح أنّ ولي أمر شمر بن ذي الجوشن هو يزيد بن معاوية ، وأنّ العزاء الذي أقامه هذا الطاغية على سيّد الشهداء عليه السلام لم يكن إلّا حيلة ومحاولة لاشغال الناس عن جرائمه البشعة التي سوّد بها صفحات التاريخ.
فمن كان للمحدّث القمّي في كتاب «نفس المهموم» نقلاً عن كامل البهائي : أنّ السيّدة زينب عليها السلام أرسلت إلى يزيد تسأله الإذن أن يقمن المأتم على الحسين عليه السلام ، فأجاز ذلك وأنزلهنّ في دار للحجارة ، فأقمن المأتم هناك سبعة أيّام ويجتمع عندهنّ في كلّ يوم جماعة كثيرة لا تحصي من النساء. فقصد الناس أن يهجموا على يزيد في داره ويقتلوه ، فاطّلع على ذلك مروان وقال ليزيد : لا يصلح لك أن توقف أهل بيت الحسين في الشام فأعدّ لهم الجهاز وابعث بهم إلى الحجاز. فهيّأ لهم المسير وبعث بهم إلى المدينة (١).
وعلى كلّ ، فقد سعى يزيد اللعين وبذل جهده على تزييف الحقائق علّه يخمّد من ثورة الناس وسخطهم عليه وكان مروان مطّلعاً أيضاً على غضب الناس ولذا فإنّه اضطرّ إلى إخراج أهل البيت عليهم السلام من الشام. وعليه فمن البعيد أن يسمح يزيد لأهل البيت عليهم السلام كي يقيموا العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام سبعة أيّام إذ أنّه مع تلك الأوضاع العصبية وهيجان الناس واضطرابهم عليه كيف يمكن أن يسمح لأهل البيت عليهم السلام أن يبقوا في الشام أكثر ويبقي رأس سيّد الشهداء عليه السلام معلّقاً على القنا في مسجد الجامع؟ بل إنّ كلّ من يلاحظ سياسة يزيد الشيطانية وحيله الخبيثة التي كان يجلب من خلالها القلوب الضعيفة ويخدع بها العقول البسيطة يثق تماماً أنّ يزيد لم يبق الرأس الشريف وإنّما بعثه مع أهل
__________________
(١) نفس المهموم ص ٤١١ ـ ٤١٢.