البيت عليهم السلام خشية أن تضطرب عليه الأوضاع أكثر فيذهب سلطانه.
فمن كلام للطبري قال فيه : إنّ يزيد أبقى أهل البيت عليهم السلام ثلاثة أيّام أقاموا فيها العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام بداية ورودهم إلى الشام وذلك في خرابة من خرابات الشام.
ونقل عن الإمام الصادق في بصائر الدرجات وغيره أنّه لمّا أُتي بعلي بن الحسين عليهما السلام يزيد بن معاوية ـ عليهما لعائن الله ـ ومن معه جعلوه في بيت فقال بعضهم : إنّما جُعلنا في هذا البيت ليقع علينا فيقتلنا ، فراطن الحرس فقالوا : انظروا إلى هؤلاء يخافون أن تقع عليهم البيت وإنّما يخرجون غداً فيقتلون. فقال علي بن الحسين : لم يكن فينا أحد يحسن الرطانة غيري والرِّطانة عند أهل المدينة الرومية (١).
ومع الالتفات إلى جميع هذه الأُمور يتّضح لماذا لم يبق يزيد أهل البيت عليهم السلام في الشام؟ ولماذا انصرف عن نيّته في قتلهم؟ ولماذا انهار عرشه وذهب سلطانه بعد هذه الأحداث بقليل حتّى أنّ ابنه معاوية صعد المنبر وتبّرأ من أفعاله البشعة؟
ويتضّح أيضاً أنّ يزيد أجبر قادة السجون على التكلّم باللغة الرومية وربما أنّهم لم يكونوا من أصل رومي وإنّما لوجود العلاقات الوثيقة بين الأمويين والروم ، ولنفوذ الروم بين الحكّام الأمويين خاصّة معاوية ويزيد اللذين اتّخذوا سرجون الرومي ككاتب ومستشار إلى زمان عبدالملك بن مروان. فإنّ هذا اللعين هو الذي أشار على يزيد أن يأمر ابن زياد بقتل سيّد الشهداء عليه السلام.
وبإشارة من سرجون الرومي أيضاً أولى يزيد ابن زياد حكومة الكوفة والبصرة ثمّ أمره بالخروج لمقاتلة ريحانة رسول الله صلى الله عليه واله (٢).
__________________
(١) بصائر الدرجات ص ٣٣٨.
(٢) من أراد مزيد الإطّلاع على سيرة هذا اللعين الرومي فليراجع كتاب «التدوين في أحوال جبال شروين» تأليف محمّد حسن خان اعتماد السلطنة وزير علوم ايران في أيّام القاجار. وراجع الإرشاد حول سيّد الشهداء ص ٩٦.