الملفت للانتباه أنّ التاريخ أثنى على معاوية بن يزيد لقوله الحقّ ونبذه للتعصّب الجاهلي وأشاد بموقفه العظيم مقابل جرائم والحده إلّا أنّ ابن تيمية الحراني ذلك المعصّب وبعد مضي أكثر من الف عام جاء ليعلن عن ملكيته أكثر من نفس الملك وأنكر الواضحات ورفض ضروريات التاريخ ولذا أصبح من أعلام الضلالة المنبوذين الذين يتشاءم الناس من ذكر أسمائهم جرّاء تعصّبه الجاهلي ليزيد بن معاوية وأمثاله (١).
ومن المتعصّبين الضالّين أيضاً هو القهستاني الذي قال : إذا أراد الإنسان أن يقرأ مصيبة سيّد الشهداء عليه السلام فمن الأفضل أن يقرأ مصائب الصحابة أولاً كي لا يتشبّه بالروافض.
ولا يخفى أن مراده من ذلك أن يذكر القارئ مصيبة عثمان بن عفّان الأموي ، الذي أجمع الصحابة على كفره وحكموا بوجوب قتله إلى أن قتل ودفن في مزبلة من مزابل اليهود (٢) ، فهل يمكن القياس بين سيّد الشهداء عليه السلام الذي قتل مظلوماً ونصر بدمه الإسلام وبين من أجمع الصحابة بكفره ووجوب قتله؟!
العجيب أنّ حجّة الإسلام لأهل السنّة الغزالي قال : يحرم على الواعظ قراءة مصيبة سيّد الشهداء عليه السلام وينبغي له أن يمرّ على النزاعات والخلافات التي حدثت بين الصحابة وكأنّه لم يسمعها بل عليه أن يغضّ الطرف عن هكذا أحداث حتّى لا يقع بعض الصحابة الذين نصّ القرآن الكريم على نفاقهم في قفص الاتّهام.
بالطبع أنّه قال هذا الكلام كي تنطلي الحقائق على الناس وينخدعوا بأمثال أبي سفيان وابنه معاوية وعمرو بن العاص وغيرهم من المنافقين الذين أصبحوا زوراً من
__________________
(١) تحقيق حول أربعين سيّد الشهداء عليه السلام لآية الله القاضي التبريزي ص ٤٦٨.
(٢) فقد قتلوا عثمان ورموا جنازته في مزبلة وبقي ثلاثة أيّام إلى أن جاء مروان وبعض رفاقه فحملوا الجنازة ودفنوها إلّا أنّ قوماً من بني مازن تعهّدوا وقالوا : في أي مكان تدفنوه فإنّنا سنخبر الناس عن مكانه ولذا فإنّهم أخذوه إلى مقبرة من مقابر اليهود.