كقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ ، يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) ومنه قول الشاعر :
(٢٩) ـ
بكيت على سرب القطا إذ مررن بى |
|
فقلت ومثلى بالبسكاء جدير : |
أسرب القطا ، هل من يعير جناحه |
|
لعلّى إلى من قد هويت أطير؟ |
__________________
فيما يلى ، وسنذكر معه نظائره ، واستعمال من فيما لا يعقل حينئذ استعارة ؛ لأن العلاقة المشابهة ، والموضع الثالث : أن يختلط من يعقل بما لا يعقل نحو قول الله تعالى : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) واستعمال من فيما لا يعقل ـ فى هذا الموضع ـ من باب التغليب ، واعلم أن الأصل تغليب من يعقل على ما لا يعقل ، وقد يغلب ما لا يعقل على من يعقل ؛ لنكتة ، وهذه النكت تختلف باختلاف الأحوال والمقامات.
٢٩ ـ هذان البيتان للعباس بن الأحنف ، أحد الشعراء المولدين ، وقد جاء بهما الشارح تمثيلا لا استشهادا ، كما يفعل المحقق الرضى ذلك كثيرا ؛ يمثل بشعر المتنبى والبحترى وأبى تمام ، وقيل : قائلهما مجنون ليلى ، وهو ممن يستشهد بشعره ، وقد وجدت بيت الشاهد ثابتا فى كل ديوان من الديوانين : ديوان المجنون ، وديوان العباس ، ودلك من خلط الرواة.
اللغة : «السرب» جماعة الظباء والقطا ونحوهما ، و «القطا» ضرب من الطير قريب الشبه من الحمام «جدير» لائق وحقيق «هويت» بكسر الواو ـ أى أحببت.
الإعراب : «بكيت» فعل وفاعل «على سرب» جار ومجرور متعلق ببكيت ، وسرب مضاف و «القطا» مضاف إليه «إذ» ظرف زمان متعلق ببكيت مبنى على السكون فى محل نصب «مررن» فعل وفاعل ، والجملة فى محل جر بإضافة إذ إليها ، أى بكيت وقت مرورهن بى «بى» جار ومجرور متعلق بمر «فقلت» فعل وفاعل «ومثلى» الواو للحال ، مثل : مبتدأ ، ومثل مضاف وياء المتكلم مضاف إليه «بالبكاء» جار ومجرور متعلق بقوله جدير الآتى «جدير» خبر المبتدأ «أسرب» الهمزة حرف نداء ، وسرب : منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، وسرب مضاف ، و «القطا» مضاف إليه «هل» استفهامية «من» اسم موصول مبتدأ «يعير» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من ، والجملة من يعير وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، هكذا قالوا ، وعندى أن جملة «يعير جناحه» لا محل لها من الإعراب صلة الموصول الذى هو من ، وأما خبر المبتدأ فمحذوف ، وتقدير الكلام : هل الذى يعير جناحه