فغير : مبتدأ ، ومأسوف : مخفوض بالإضافة ، وعلى زمن : جار ومجرور فى موضع رفع بمأسوف لنيابته مناب الفاعل ، وقد سدّ مسدّ خبر غير.
وقد سأل أبو الفتح بن جنى ولده عن إعراب هذا البيت ؛ فارتبك فى إعرابه.
ومذهب البصريين ـ إلا الأخفش ـ أن هذا الوصف لا يكون مبتدأ إلا إذا اعتمد على نفى أو استفهام (١) ، وذهب الأخفش والكوفيون إلى عدم اشتراط
__________________
التمثيل به : فى قوله «غير مأسوف على زمن» حيث أجرى قوله «على زمن» النائب عن الفاعل مجرى الزيدين فى قولك «ما مضروب الزيدان» فى أن كل واحد منهما سد مسد الخبر ؛ لأن المتضايفين بمنزلة الاسم الواحد ، فحيث كان نائب الفاعل يسد مع أحدهما مسد الخبر فإنه يسد مع الآخر أيضا ، وكأنه قال «ما مأسوف على زمن» على ما بيناه فى الشاهد السابق.
هذا أحد توجيهات ثلاثة فى ذلك ونحوه ، وإليه ذهب ابن الشجرى فى أماليه.
والتوجيه الثانى لابن جنى وابن الحاجب ، وحاصله أن قوله «غير» خبر مقدم ، وأصل الكلام : «زمن ينقضى بالهم غير مأسوف عليه» وهو توجيه ليس بشىء؟ لما يلزم عليه من التكلفات البعيدة ؛ لأن العبارة الواردة فى البيت لا تصير إلى هذا إلا بتكلف كثير.
والتوجيه الثالث لابن الخشاب ، وحاصله أن قوله «غير» خبر لمبتدأ محذوف تقديره «أنا غير ـ إلخ» وقوله «مأسوف» ليس اسم مفعول ، بل هو مصدر مثل «الميسور والمعسور ، والمجلود ، والمحلوف» وأراد به هنا اسم الفاعل ، فكأنه قال «أنا غير آسف ـ إلخ» وانظر ما فيه من التكلف والمشقة والجهد.
ومثل هذا البيت والشاهد السابق قول المتنبى يمدح بدر بن عمار :
ليس بالمنكر أن برّزت سبقا |
|
غير مدفوع عن السّبق العراب |
(١) مذهب جماعة من النحاة أنه يجب أن يكون الفاعل الذى يرفعه الوصف المعتمد اسما ظاهرا ، ولا يجوز أن يكون ضميرا منفصلا ، فإن سمع ما ظاهره ذلك فهو محمول على أن الوصف خبر مقدم والضمير مبتدأ مؤخر ، وعند هؤلاء أنك إذا قلت «أمسافر