ـ وهو التثنية والجمع ـ هذا على المشهور من لغة العرب ، ويجوز على لغة «أكلونى البراغيث» أن يكون الوصف مبتدأ ، وما بعده فاعل أغنى عن الخبر.
وإن لم يتطابقا ـ وهو قسمان : ممتنع ، وجائز ، كما تقدم ـ فمثال الممتنع «أقائمان زيد» و «أقائمون زيد» فهذا التركيب غير صحيح ، ومثال الجائز «أقائم الزيدان» و «أقائم الزيدون» وحينئذ يتعين أن يكون الوصف مبتدأ ، وما بعده فاعل سدّ مسدّ الخبر (١).
* * *
__________________
(١) أحب أن أجلى لك حقيقة هذه المسألة ، وأبين لك عللها وأسبابها بيانا لا يبقى معه لبس عليك فى صورة من صورها ، وذلك البيان يحتاج إلى شرح أمرين ، الأول : لم جاز فى الوصف الذى يقع بعده مرفوع أن يكون الوصف مبتدأ ، والمرفوع بعده فاعلا ، وأن يكون الوصف خبرا مقدما والمرفوع مبتدأ مؤخرا ؛ والثانى : على أى شىء يستند تعين أحد هذين الوجهين وامتناع الآخر منهما؟.
أما عن الأمر الأول فنقول لك : إن اسم الفاعل واسم المفعول ونحوهما من الأوصاف قد أشبهت الفعل نوع شبه من حيث المعنى ؛ لدلالتها على الحدث الذى يدل عليه الفعل ، وهى فى طبيعتها أسماء تقبل علامات الاسم ، فتردد أمرها بين أن تعامل معاملة الأسماء بالنظر إلى لفظها وبين أن تعامل معاملة الأفعال فتسند إلى ما بعدها بالنظر إلى دلالتها على معنى الفعل ، ثم ترجح ثانى هذين الوجهين بسبب دخول حرف النفى أو حرف الاستفهام عليها ، وذلك لأن الأصل فى النفى وفى الاستفهام أن يكونا متوجهين إلى اوصاف الذوات. لا إلى الذوات أنفسها ، لأن الذوات يقل أن تكون مجهولة ، والموضوع للدلالة على أوصاف الذوات وأحوالها هو الفعل ، لا جرم كان الأصل فى النفى والاستفهام أن يكونا عن الفعل وما هو فى معناه ، ومن هنا تفهم السر فى اشتراط البصريين ـ فى جعل الوصف مبتدأ والمرفوع بعده فاعلا أغنى عن الخبر ـ تقدم النفى والاستفهام عليه.
وأما عن الأمر الثانى فإنا نقرر لك أن النحاة بنوا تجويز الوجهين وتعين أحدهما وامتناعه جميعا على أصول مقررة ثابتة ، فبعضها يرجع إلى حكم الفاعل ورافعه ، وبعضها يرجع إلى حكم المبتدأ وخبره ، وبعضها إلى حكم عام للعامل والمعمول.