كقوله تعالى : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ)(١) فى قراءة من رفع اللباس (٣) أو تكرار المبتدأ بلفظه ، وأكثر ما يكون فى مواضع التفخيم كقوله تعالى : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) و (الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ) وقد يستعمل فى غيرها ، كقولك : «زيد ما زيد» (٤) أو عموم يدخل تحته المبتدأ ، نحو «زيد نعم الرّجل».
وإن كانت الجملة الواقعة خبرا هى المبتدأ فى المعنى لم تحتج إلى رابط ، وهذا معنى قوله : «وإن تكن ـ إلى آخر البيت» أى : وإن تكن الجملة إياه ـ أى المبتدأ ـ فى المعنى اكتفى بها عن الرابط ، كقولك : «نطقى الله حسبى» ؛ فنطقى : مبتدأ [أوّل] ، والاسم الكريم : مبتدأ ثان ، وحسبى : خبر عن المبتدإ الثانى ، والمبتدأ الثانى وخبره خبر عن المبتدإ الأول ، واستغنى عن الرّابط ؛ لأن قولك «الله حسبى» هو معنى «نطقى» وكذلك «قولى لا إله إلّا الله».
* * *
__________________
(١) هذه الآية الكريمة أولها : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ) وقد قرىء فيها فى السبعة بنصب «لباس التقوى» وبرفعه ، فأما قراءة النصب فعلى العطف على «لباسا بوارى» ولا كلام لنا فيها الآن ، وأما قراءة الرفع فيجوز فيها عدة وجوه من الإعراب ؛ الأول : أن يكون «لباس التقوى» مبتدأ أول ، و «ذلك» مبتدأ ثانيا ، و «خير» خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، وهذا هو الوجه الذى خرج الشارح وغيره من النحاة الآية عليه ، والوجه الثانى : أن يكون «ذلك» بدلا من «لباس التقوى» ، والثالث : أن يكون «ذلك» نعتا للباس التقوى على ما هو مذهب جماعة و «خير» خبر المبتدأ الذى هو «لباس التقوى» وعلى هذين لا شاهد فى الآية لما نحن بصدده فى هذا الباب.