الرابع والعشرون : أن تكون بعد «كم» الخبرية ، نحو قوله :
(٤٨) ـ
كم عمّة لك يا جرير وخالة |
|
فدعاء قد حلبت علىّ عشارى |
__________________
٤٨ ـ البيت للفرزدق بهجو جريرا ، وقبله قوله :
كم من أب لى يا جرير كأنّه |
|
قمر المجرّة أو سراج نهار |
ورث المكارم كابرا عن كابر |
|
ضخم الدّسيعة كلّ يوم فخار |
اللغة : «المجرة» باب السماء ، وقيل : هى الطريق التى تسير منها الكواكب «الدسيعة» الجفنة ، أو المائدة الكبيرة ، وضخامتها : كناية عن الكرم ، لأن ذلك يدل على كثرة الأكلة الذين يلتفون حولها «فدعاء» هى المرأة التى اعوجت إصبعها من كثرة حلبها ، ويقال : الفدعاء هى التى أصاب رجلها الفدع من كثرة مشيها وراء الإبل ، والفدع : زيغ فى القدم بينها وبين الساق ، وقال ابن فارس : الفدع اعوجاج فى المفاصل كأنها قد زالت عن أماكنها «عشارى» العشار : جمع عشراء ـ بضم العين المهملة وفتح الشين ـ وهى الناقة التى أتى عليها من وضعها عشرة أشهر ، وفى التنزيل الكريم : (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ).
الإعراب : «كم» يجوز أن تكون استفهامية ، وأن تكون خبرية «عمة» يجوز فيها وفى «خالة» المعطوفة عليها الحركات الثلاث : أما الجر فعلى أن «كم» خبرية فى محل رفع مبتدأ ، وخبره جملة «حلبت» وعمة : تمييز لها ، وتمييز كم الخبرية مجرور كما هو معلوم ، وخالة : معطوف عليها ، وأما النصب فعلى أن «كم» استفهامية فى محل رفع مبتدأ ، وخبره جملة «حلبت» أيضا ، وعمة : تمييز لها ؛ وتمييز كم الاستفهامية منصوب كما هو معلوم ، وخالة معطوف عليها ، وأما الرفع فعلى أن كم خبرية أو استفهامية فى محل نصب ظرف متعلق بحلبت أو مفعول مطلق عامله «حلبت» الآتى ، وعلى هذين يكون قوله «عمة» مبتدأ ، وقوله «لك» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت له ، وجملة «قد حلبت» فى محل رفع خبره ، وتمييز «كم» على هذا الوجه محذوف ، وهى ـ على ما عرفت ـ يجوز أن تكون خبرية فيقدر تمييزها مجرورا ، ويجوز أن تكون استفهامية فيقدر تمييزها منصوبا ، و «فدعاء» صفة لخالة ، وقد حذف صفة لعمة ممائلة لها كما حذف صفة لخالة ممائلة لصفة عمة ، وأصل الكلام قبل الحذفين «كم عمة لك فدعاء ، وكم خالة لك فدعاء» فحذف من الأول كلمة فدعاء وأثبتها فى الثانى ، وحذف من الثانى كلمة