وزيد أبوه منطلق» والحقّ الجواز ؛ إذ لا مانع من ذلك ، وإليه أشار بقوله «وجوّزوا التقديم إذ لا ضررا» فتقول : «قائم زيد» ومنه قولهم : «مشنوء من يشنؤك» فمن : مبتدأ ومشنوء : خبر مقدم ، و «قام أبوه زيد» ومنه قوله :
(٤٩) ـ
قد ثكلت أمّه من كنت واحده |
|
وبات منتشبا فى برثن الأسد |
فـ «من كنت واحده» مبتدأ مؤخر ، و «قد ثكلت أمّه» : خبر مقدم ، و «أبوه منطلق زيد» ؛ ومنه قوله :
__________________
٤٩ ـ البيت لشاعر سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حسان بن ثابت الأنصارى اللغة : «ثكلت أمه» هو من الثكل ، وهو فقد المرأة ولدها «منتشبا» عالقا داخلا «برثن الأسد» مخلبه ، وجمعه براثن ، مثل برقع وبراقع ، والبراثن للسباع بمنزلة الأصابع للانسان ، وقال ابن الأعرابى : البرثن : الكف بكمالها مع الأصابع.
الإعراب : «قد» حرف تحقيق «ثكلت» ثكل : فعل ماض ، والتاء تاء التأنيث «أمه» أم : فاعل ثكلت ، وأم مضاف والضمير مضاف إليه ، والجملة من الفعل وفاعله فى محل رفع خبر مقدم «من» اسم موصول مبتدأ مؤخر «كنت» كان فعل ماض ناقص ، والتاء ضمير المخاطب اسمه مبنى على الفتح فى محل رفع «واحده» واحد خبر كان ، وواحد مضاف ، والضمير مضاف إليه ، والجملة من «كان» واسمها وخبرها لا محل لها صلة الموصول الذى هو من «وبات» الواو عاطفة ، بات : فعل ماض ناقص ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من «منتشبا» خبر بات «فى برثن» جار ومجرور متعلق بمنتشب ، وبرئن مضاف و «الأسد» مضاف إليه.
الشاهد فيه : قوله «قد ثكلت أمه من كنت واحده» حيث قدم الخبر ، وهو جملة «ثكلت أمه» على المبتدأ وهو «من كنت واحده» وفى جملة الخبر المتقدم ضمير يعود على المبتدأ المتأخر ، وسهل ذلك أن المبتدأ ـ وإن وقع متأخرا ـ بمنزلة المتقدم فى اللفظ ؛ فإن رتبته التقدم على الخبر كما ترى فى بيت الناظم وفى مطلع شرح المؤلف لهذا الموضوع.