تريد أن يكون خبرا ، من غير دليل يدلّ عليه ؛ فإن وجد دليل يدلّ على أن المتقدم خبر جاز ، كقولك «أبو يوسف أبو حنيفة» فيجوز تقدم الخبر ـ وهو أبو حنيفة ـ لأنه معلوم أن المراد تشبيه أبى يوسف بأبى حنيفة ، لا تشييه أبى حنيفة بأبى يوسف ، ومنه قوله :
(٥١) ـ
بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا |
|
بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد |
__________________
بأن كانا جامدين ، أو كان كلاهما مشتقا ـ فالمقدم مبتدأ ؛ والرابع : أن المبتدأ هو الأعرف عند المخاطب سواء أتقدم أم تأخر ، فإن تساويا عنده فالمقدم هو المبتدأ.
٥١ ـ نسب جماعة هذا البيت للفرزدق ، وقال قوم : لا يعلم قائله ، مع شهرته فى كتب النحاة وأهل المعانى والفرضيين.
الإعراب : «بنونا» بنو : خبر مقدم ، وبنو مضاف والضمير مضاف إليه «بنو» مبتدأ مؤخر ، وبنو مضاف وأبناء من «أبنائنا» مضاف إليه ، وأبناء مضاف والضمير مضاف إليه «وبناتنا» الواو عاطفة ، بنات : مبتدأ أول ، وبنات مضاف والضمير مضاف إليه «بنوهن» بنو : مبتدأ ثان ، وبنو مضاف والضمير مضاف إليه «أبناء» خبر المبتدأ الثانى ، وجملة المبتدأ الثانى وخبره فى محل رفع خبر المبتدأ الأول ، وأبناء مضاف و «الرجال» مضاف إليه «الأباعد» صفة للرجال.
الشاهد فيه : قوله «بنونا بنو أبنائنا» حيث قدم الخبر وهو «بنونا» على المبتدأ وهو «بنو أبنائنا» مع استواء المبتدأ والخبر فى التعريف ؛ فإن كلا منهما مضاف إلى ضمير المتكلم ـ وإنما ساغ ذلك لوجود قرينة معنوية تعين المبتدأ منهما ؛ فإنك قد عرفت أن الخبر هو محط الفائدة ؛ فما يكون فيه أساس التشبيه ـ وهو الذى تذكر الجملة لأجله ـ فهو الخبر.
وبعد ، فقد قال ابن هشام يعترض على ابن الناظم استشهاده بهذا البيت : «قد يقال إن هذا البيت لا تقديم فيه ولا تأخير ، وإنه جاء على التشبيه المقلوب ، كقول ذى الرمة :
* ورمل كأوراك العذارى قطعته*