فحبيبها : مبتدأ [مؤخّر] وملء عين : خبر مقدم ، ولا يجوز تأخيره ؛ لأن الضمير المتصل بالمبتدأ ـ وهو «ها» ـ عائد على «عين» وهو متصل بالخبر ؛ فلو قلت «حبيبها ملء عين» عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة.
وقد جرى الخلاف فى جواز «ضرب غلامه زيدا (١)» مع أن الضمير فيه عائد على متأخر لفظا ورتبة ، ولم يجر خلاف ـ فيما أعلم ـ فى منع «صاحبها فى الدّار» فما الفرق بينهما؟ وهو ظاهر ، فليتأمل ، والفرق [بينهما] أن ما عاد عليه الضمير وما اتصل به الضمير اشتركا فى العامل فى مسألة «ضرب غلامه زيدا» بخلاف مسألة «فى الدار صاحبها» فإن العامل فيما اتصل به الضمير وما عاد عليه الضمير مختلف (٢).
__________________
الشاهد فيه : قوله «ملء عين حبيبها» فإنه قدم الخبر ـ وهو قوله «ملء عين» ـ على المبتدأ ـ وهو قوله «حبيبها» ـ لاتصال المبتدأ بضمير يعود على ملابس الخبر ، وهو المضاف إليه ، فلو قدمت المبتدأ ـ مع أنك تعلم أن رتبة الخبر التأخير ـ لعاد الضمير الذى اتصل بالمبتدأ على متأخر لفظا ورتبة ، وذلك لا يجوز ، لكنك بتقديمك الخبر قد رجعت الضمير على متقدم لفظا وإن كانت رتبته التأخير ، وهذا جائز ، ولا إشكال فيه.
(١) مثل ذلك المثال : كل كلام اتصل فيه ضمير بالفاعل المتقدم ، وهذا الضمير عائد على المفعول المتأخر ، نحو مثال ابن مالك فى باب الفاعل من الألفية «زان نوره الشجر» ونحو قول الشاعر :
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر |
|
وحسن فعل كما يجزى سنمّار |
ونحو قول الشاعر الآخر :
كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد |
|
ورقّى نداه ذا النّدى فى ذرى المجد |
وسيأتى بيان ذلك وإبضاحه فى باب الفاعل.
(٢) وأيضا فإن المفعول قد تقدم على الفاعل كثيرا فى سعة الكلام ، حتى ليظن أن رتبه قد صارت التقدم ، بخلاف الخبر ، فإنه ـ وإن تقدم على المبتدأ أحيانا ـ لا يتصور أحد أن رتبته التقدم ؛ لكونه حكما ، والحكم فى مرتبة التأخر عن المحكوم عليه البتة ،