وقد اختار المصنف هذه الطريقة فى غير هذا الكتاب.
الموضع الثانى : أن يكون المبتدأ نصّا فى اليمين (١) ، نحو : «لعمرك لأفعلنّ» التقدير «لعمرك قسمى» فعمرك : مبتدأ ، وقسمى : خبره ، ولا يجوز التصريح به.
قيل : ومثله «يمين الله لأفعلنّ» التقدير «يمين الله قسمى» وهذا لا يتعين أن يكون المحذوف فيه خبرا (٢) ؛ لجواز كونه مبتدأ ، والتقدير «قسمى يمين
__________________
مصدر بدل اشتمال من الغمد ، وأصله «أن يمسكه» فلما حذف «أن» ارتفع الفعل ، كقولهم «تسمع بالمعيدى خير من أن تراه» فيمن رواه برفع «تسمع» من غير «أن».
وحاصل القول فى هذه المسألة أن النحاة اختلفوا ؛ هل يكون خبر المبتدأ الواقع بعد لو لا كونا خاصا أولا؟ فقال الجمهور : لا يكون كونا خاصا ألبتة ، بل يجب كونه كونا عاما ويجب مع ذلك حذفه ، فإن جاء الخبر كونا خاصا فى كلام ما فهو لحن أو مؤول ، وقال غيرهم ؛ يجوز أن يكون الخبر بعد لو لا كونا خاصا ، لكن الأكثر أن يكون كونا عاما ، فإن كان الخبر كونا عاما وجب حذفه كما يقول الجمهور ، وإن كان الخبر كونا خاصا : فإن لم يدل عليه دليل وجب ذكره ، وإن دل عليه دليل جاز ذكره وجاز حذفه ؛ فلخبر المبتدأ الواقع بعد لو لا حالة واحدة عند الجمهور ، وهى وجوب الحذف ، وثلاثة أحوال عند غيرهم ، وهى : وجوب الحذف ، ووجوب الذكر ، وجواز الأمرين ، وقد قدمنا لك أن الواجب حمل كلام الناظم على هذا ؛ لأنه صرح باختياره فى غير هذا الكتاب ، وقد ذكر الشارح نفسه أن هذا هو اختيار المصنف.
(١) المراد بكون المبتدأ نصا فى اليمين : أن يغلب استعماله فيه ، حتى لا يستعمل فى غيره إلا مع قرينة ، ومقابل هذا ما ليس نصا فى اليمين ـ وهو : الذى يكثر استعماله فى غير القسم حتى لا يفهم منه القسم إلا بقرينة ذكر المقسم عليه ، ألا ترى أن «عهد الله» قد كثر استعماله فى غير القسم ـ نحو قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ) وقولهم : عهد الله يجب الوفاء به ، ويفهم منه القسم إذا قلت : عهد لأفعلن كذا ؛ لذكرك المقسم عليه.
(٢) إن كان من غرض الشارح الاعتراض على الذين ذكروا هذا المثال لحذف الخبر وجوبا لكون المبتدأ نصا فى اليمين فلا محل لاعتراضه عليهم بأن ذلك يحتمل أن يكون