وذكر ابن معط أن خبر «دام» لا يتقدّم على اسمها ؛ فلا تقول : «لا أصاحبك» ما دام قائما زيد» والصواب جوازه ، قال الشاعر :
(٦٦) ـ
لا طيب للعيش ما دامت منغّصة |
|
لذّاته بادّكار الموت والهرم |
__________________
الشاهد فيه : قوله «فليس سواء عالم وجهول» حيث قدم خبر ليس وهو «سواء» عل اسمها وهو «عالم» وذلك جائز سائغ في الشعر وغيره ، خلافا لمن نقل المنع عنه صاحب الإرشاد.
٦٦ ـ البيت من الشواهد التى لم يعين أحد ممن اطلعنا على كلامه قائلها.
اللغة : «طيب» المراد به اللذة وما ترتاح إليه النفس وتهفو نحوه «منغصة» اسم مفعول من التنغيص وهو التكدير «بادكار» تذكر ، وأصله «اذتكار» فقلبت تاء الافتعال دالا ، ثم قلبت الذال دالا ، ثم أدغمت الدال فى الدال ، ويجوز فيه «اذكار» بالذال المعجمة ، على أن تقلب المهملة معجمة بعكس الأول ثم تدغم ، ويجوز فيه بقاء كل من المعجمة والمهملة على حاله فتقول «اذدكار» وبالوجه الأول ورد قوله تعالى : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أصله مذتكر فقلبت التاء دالا ثم أدغمتا على ما ذكرناه أولا.
المعنى : لا يرتاح الإنسان إلى الحياة ولا يستطيب العيش مادام يتذكر الأيام التى تأتى عليه بأوجاعها وآلامها ، ومادام لا ينسى أنه مقبل لا محالة على الشيخوخة والموت ومفارقة أحبائه وملاذه.
الإعراب : «لا» نافية للجنس «طيب» اسمها مبنى على الفتح فى محل نصب «للعيش» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا ، أو متعلق بطيب ، وخبر لا حينئذ محذوف «ما» مصدرية ظرفية «دامت» دام : فعل ماض ناقص ، والتاء تاء التأنيث «منغصة» خبر دام مقدم على اسمها «لذاته» لذات : اسم دام مؤخر ، ولذات مضاف والهاء العائدة إلى العيش مضاف إليه «بادكار» جار ومجرور متعلق بقوله منغصة ، وادكار مضاف ، و «الموت» مضاف إليه «والهرم» معطوف بالواو على الموت.
الشاهد فيه : قوله «ما دامت منغصة لذاته» حيث قدم خبر دام وهو قوله «منغصة» على اسمها وهو قوله «لذاته».