قولك : «كان أخى رفيقى» فلا يجوز تقديم رفيقى ـ على أنه خبر ـ لأنه لا يعلم ذلك ، لعدم ظهور الإعراب ، ومثال ما توسّط فيه الخبر قولك : «كان قائما زيد» قال الله تعالى : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وكذلك سائر أفعال هذا الباب ـ من المتصرف ، وغيره ـ يجوز توسّط أخبارها بالشرط المذكور ، ونقل صاحب الإرشاد خلافا فى جواز تقديم خبر «ليس» على اسمها ، والصواب جوازه ، قال الشاعر :
(٦٥) ـ
سلى ـ إن جهلت ـ النّاس عنّا وعنهم |
|
فليس سواء عالم وجهول |
__________________
٦٥ ـ البيت من قصيدة للسمو أل بن عادياء الغسانى ، المضروب به المثل فى الوفاء ومطلع قصيدته التى منها بيت الشاهد قوله :
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه |
|
فكلّ رداء يرتديه جميل |
وإن هو لم يحمل على النّفس ضيمها |
|
فليس إلى حسن الثّناء سبيل |
اللغة : «يدنس» الدنس ـ بفتح الدال المهملة والنون ـ هو الوسخ والقذر ، والأصل فيه أن يكون فى الأمور الحسية ، والمراد ههنا الدنس المعنوى «اللؤم» اسم جامع للخصال الدنيئة ومقابح الصفات «رداء» هو فى هذا الموضع مستعار للخصلة من الخصال : أى إذا نظف عرض المرء فلم يتصف بصفة من الصفات الدنيئة فإن له بعد ذلك أن يتصف بما يشاء ، يريد أن له أن يختار من المكارم وخصال البر الخصلة التى يرغبها «ضيمها» الضيم : الظلم.
المعنى : يقول لمن يخاطبها : سلى الناس عنا وعمن تقارنينهم بنا ـ إن لم تكونى عالمة بحالنا ، مدركة للفرق العظيم الذى بيننا وبينهم ـ لكى يتضح لك الحال ، فإن العالم بحقيقة الأمر ليس كمن جهلها.
الإعراب : «سلى» فعل أمر ، وياء المخاطبة فاعله «إن» شرطية «جهلت» فعل ماض فعل الشرط ، وتاء المخاطبة فاعل ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه ما قبله «عنا» جار ومجرور متعلق بقوله سلى «وعنهم» جار ومجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور قبله «فليس» الفاء حرف دال على التعليل ، وليس : فعل ماض ناقص «سواء» خبر ليس مقدم «عالم» اسم ليس مؤخر «وجهول» معطوف على عالم.