مراده أن أخبار هذه الأفعال ـ إن لم يجب تقديمها على الاسم ، ولا تأخيرها عنه ـ يجوز توسّطها بين الفعل والاسم (١) ؛ فمثال وجوب تقديمها على الاسم قولك : «كان فى الدّار صاحبها» ، فلا يجوز ههنا تقديم الاسم على الخبر ، لئلا يعود الضمير عل متأخر لفظا ورتبة ، ومثال وجوب تأخير الخبر عن الاسم
__________________
(٢) حاصل القول فى هذا الموضوع أن لخبر كان وأخواتها ستة أحوال :
الأول : وجوب التأخير ، وذلك فى مسألتين ، إحداهما : أن يكون إعراب الاسم والخبر جميعا غير ظاهر ، نحو : كان صديقى عدوى ، وثانيتهما : أن يكون الخبر محصورا نحو قوله تعالى : (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) والمكاء : التصفير ، والتصدية : التصفيق.
الثانى : وجوب التوسط بين العامل واسمه ، وذلك فى نحو قولك : يعجبنى أن يكون فى الدار صاحبها ؛ فلا يجوز فى هذا المثال تأخير الخبر عن الاسم ؛ لئلا يلزم منه عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ، كما لا يجوز أن يتقدم الخبر على أن المصدرية لئلا يلزم تقديم معمول الصلة على الموصول ، فلم يبق إلا توسط هذا الخبر على ما ذكرنا.
الثالث : وجوب التقدم على الفعل واسمه جميعا ، وذلك فيما إذا كان الخبر مما له الصدارة كاسم الاستفهام ، نحو «أين كان زيد»؟
الرابع : امتناع التأخر عن الاسم ، مع جواز التوسط بين الفعل واسمه أو التقدم عليهما ، وذلك فيما إذا كان الاسم متصلا بضمير يعود على بعض الخبر ، ولم يكن ثمة مانع من التقدم على الفعل ، نحو «كان فى الدار صاحبها ، وكان غلام هند بعلها» يجوز أن تقول ذلك ، ويجوز أن تقول : «فى الدار كان صاحبها ، وغلام هند كان بعلها» ـ بنصب غلام ـ ولا يجوز فى المثالين التأخير عن الاسم.
الخامس : امتناع التقدم على الفعل واسمه جميعا ، مع جواز توسطه بينهما أو تأخره عنهما جميعا ، نحو «هل كان زيد صديقك»؟ ففى هذا المثال يجوز هذا ، ويجوز «هل كان صديقك زيد» ولا يجوز تقديم الخبر على هل ؛ لأن لها صدر الكلام ، ولا توسيطه بين هل والفعل ؛ لأن الفصل بينهما غير جائز.
السادس : جواز الأمور الثلاثة ، نحو «كان محمد صديقك» يجوز فيه ذلك كما يجوز أن تقول : صديقك كان محمد ، وأن تقول : كان صديقك محمد ، بنصب الصديق.