والمبرد والزجاج وابن السراج وأكثر المتأخرين ـ ومنهم المصنف ـ إلى المنع ، وذهب أبو على [الفارسىّ] وابن برهان إلى الجواز ؛ فتقول : «قائما ليس زيد» واختلف النقل عن سيبويه ؛ فنسب قوم إليه الجواز ، وقوم المنع ، ولم يرد من لسان العرب تقدّم خبرها عليها ، وإنما ورد من لسانهم ما ظاهره نقدّم معمول خبرها عليها ، كقوله تعالى : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) وبهذا استدلّ من أجاز تقديم خبرها عليها ، وتقريره أن «يوم يأتيهم» معمول الخبر الذى هو «مصروفا» وقد تقدم على «ليس» قال : ولا يتقدّم المعمول إلا حيث يتقدّم العامل (١).
* * *
__________________
(١) هذه القاعدة ليست مطردة تمام الاطراد ، وإن كان العلماء قد اتخذوها دليلا فى كثير من المواطن ، وجعلوها كالشىء المسلم به الذى لا يتطرق إليه النقض ؛ ونحن ندكر لك عدة مواضع أجازوا فيها تقديم المعمول ، ولم يجيزوا فيها نقديم العامل :
الموضع الأول : إذا كان خبر المبتدأ فعلا ، لم يجز البصريون تقديمه على المبتدأ ؛ لئلا يلتبس المبتدأ بالفاعل ، فلا يقولون «ضرب زيد» على أن يكون فى ضرب ضمير مستتر ، وجملته خبر مقدم ، لكن أجازوا تقديم معمول هذا الخبر على مبتدئه فى نحو «عمرو ضرب زيدا». فيقولون «زيدا عمرو ضرب».
الموضع الثانى : خبر إن ـ إذا لم يكن ظرفا أو جارا ومجرورا ـ لم يجيزوا تقديمه على اسمها ؛ فلا يقولون : «إن جالس زيدا» ، وأجازوا تقديم معموله على الاسم ، فيقولون : «إن عندك زيدا جالس».
الموضع الثالث : الفعل المنفى بلم أو لن ـ نحو «لم أضرب ، ولن أضرب» ـ لم يجيزوا تقديمه على النفى ، وأجازوا تقديم معموله عليه ، نحو «زيدا لن أضرب ، وعمرا لم أصاحب».
الموضع الرابع : الفعل الواقع بعد إما الشرطية ، لم يجيزوا إيلاءه لإما ، وأجازوا إيلاء معموله لها ، نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)