«أن ما أنت برّا» [ثم أدغمت النون فى الميم ، فصار «أمّا أنت برّا»] ، ومثله قول الشاعر :
(٧٤) ـ
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
فإنّ قومى لم تأكلهم الضّبع |
__________________
٧٤ ـ البيت للعباس بن مرداس يخاطب خفاف بن ندبة أبا خراشة ، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ١٤٨) وخفاف ـ بزنة غراب ـ شاعر مشهور ، وقارس مذكور ، من فرسان قيس ، وهو ابن عم صخر ومعاوية وأحتهما الخنساء الشاعرة المشهورة ، وندبة ـ بضم النون أو فتحها ـ أمه ، واسم أبيه عمير.
اللغة : «ذا نفر» يريد ذا قوم تعتز بهم وجماعة تمتلئ بهم فخرا «الضبع» أصله الحيوان المعروف ، ثم استعملوه فى السنة الشديدة المجدبة ، قال حمزة الأصفهانى : إن الضبع إذا وقعت فى غنم عاثت ، ولم تكتف من الفساد بما يكتفى به الذئب ، ومن إفسادها وإسرافها فيه استعارت العرب اسمها للسنة المجدبة ، فقالوا : أكلتنا الضبع.
المعنى : يا أبا خراشة ، إن كنت كثير القوم ، وكنت تعتز بجماعتك فإن قومى موفورون كثير والعدد لم تأكلهم السنة الشديدة المجدبة ، ولم يضعفهم الحرب ولم تنل منهم الأزمات
الإعراب : «أبا» منادى حذفت منه ياء النداء ، وأبا مضاف ، و «خراشة» مضاف إليه «أما» هى عبارة عن أن المصدرية المدغمة فى «ما» الزائدة النائبة عن «كان» المحذوفة «أنت» اسم لكان المحذوفة ، «ذا» خبر كان المحذوفة ، وذا مضاف و «نفر» مضاف إليه «فإن» الفاء تعليلية ، إن حرف توكيد ونصب «قومى» قوم اسم إن ، وقوم مضاف والياء ضمير المتكلم مضاف إليه «لم» حرف نفى وجزم وقلب «تأكلهم» تأكل : فعل مضارع مجزوم بلم والضمير مفعول به لتأكل «الضبع» فاعل تأكل ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع خبر «إن».
الشاهد فيه : قوله «أما أنت ذا نفر» حيث حذف «كان» التى ترفع الاسم وتنصب الخبر ، وعوض عنها ما» الزائدة وأدغمها فى نون أن المصدرية وأبقى اسم «كان» وهو الضمير البارز المنفصل ، وخبرها وهو قوله «ذا نفر». وأصل الكلام عند البصريين : فخرت على لأن كنت ذا نفر ، فحذفت لام التعليل ومتعلقها ؛ فصار الكلام : أن كنت ذا نفر ، ثم حذفت كان لكثرة الاستعمال قصدا إلى التخفيف ، فانفصل الضمير الذى كان متصلا بكان لأنه لم يبق فى الكلام عامل يتصل به هذا الضمير