إذا جزم الفعل المضارع من «كان» قيل : لم يكن ، والأصل يكون ، فحذف الجازم الضمة التى على النون ، فالتقى ساكنان : الواو ، والنون ؛ فحذف الواو لالتقاء الساكنين ؛ فصار اللفظ «لم يكن» والقياس يقتضى أن لا يحذف منه بعد ذلك شىء آخر ، لكنهم حذفوا النون بعد ذلك تخفيفا لكثرة الاستعمال (١) ؛ فقالوا : «لم يك» وهو حذف جائز ، لا لازم ، ومذهب سيبويه ومن تابعه أن هذه النون لا تحذف عند ملاقاة ساكن ؛ فلا تقول : «لم يك الرّجل قائما» وأجاز ذلك يونس ، وقد قرىء شاذّا (لم يك الّذين
__________________
جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لمضارع «منجزم» صفة ثانية لمضارع «تحذف» فعل مضارع مبنى للمجهول «نون» نائب فاعل تحذف «وهو» مبتدأ «حذف» خبر المبتدأ «ما» نافية «التزم» فعل ماض مبنى للمجهول ، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى حذف ، والجملة من التزم ونائب الفاعل فى محل رفع صفة لحذف ، وتقدير البيت : وتحذف نون من مضارع منجزم آت من مصدر كان وهو حذف لم تلنزمه العرب ، يريد أنه جائز لا واجب.
(١) قد جاء هذا الحذف كثيرا جدا فى كلام العرب نثره ونظمه ؛ فمن أمثالهم «إن لم يك لحم فنفش» والنفش : الصوف ، ويروى «إن لم يكن» وهذه الرواية تدل على أن الحذف جائز لا واجب ، ومن شواهد ذلك قول علقمة الفحل :
ذهبت من الهجران فى كلّ مذهب |
|
ولم يك حقّا كلّ هذا التّجنّب |
وقول عروة بن الورد العبسى :
ومن يك مثلى ذا عيال ومقترا |
|
يغرّر ويطرح نفسه كلّ مطرح |
وقول مهلهل بن ربيعة يرثى أخاه كليب بن ربيعة :
فإن يك بالذّنائب طال ليلى |
|
فقد أبكى من اللّيل القصير |
وقول عميرة بن طارق اليربوعى :
وإن أك فى نجد ـ سقى الله أهله |
|
بمنّانة منه! ـ فقلبى على قرب |
وقول الحطيئة العبسى :
ألم أك جاركم ويكون بينى |
|
وبينكم المودّة والإخاء |