الحرف ، فى المعنى ؛ فإنها تستعمل للاستفهام ، نحو «متى تقوم؟» وللشرط ، نحو «متى تقم أقم» وفى الحالتين هى مشبهة لحرف موجود ؛ لأنها فى الاستفهام كالهمزة ، وفى الشرط كإن ، ومثال الثانى «هنا» فإنها مبنية لشبهها حرفا كان ينبغى أن يوضع فلم يوضع ، وذلك لأن الإشارة معنى من المعانى ؛ فحقها أن يوضع لها حرف يدلّ عليها ، كما وضعوا للنفى «ما» وللنهى «لا» وللتمنّى «ليت» وللترجّى «لعلّ» ونحو ذلك ؛ فبنيت أسماء الإشارة لشبهها فى المعنى حرفا مقدّرا (١).
(والثالث) شبهه له فى النّيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل ، وذلك كأسماء الأفعال ، نحو «دراك زيدا» فدراك : مبنىّ ؛ لشبهه بالحرف فى كونه يعمل ولا يعمل فيه غيره (٢) كما أن الحرف كذلك.
__________________
(١) نقل ابن فلاح عن أبى على الفارسى أن أسماء الإشارة مبنية لأنها من حيث المعنى أشبهت حرفا موجودا ، وهو أل العهدية ؛ فإنها تشير إلى معهود بين المتكلم والمخاطب ، ولما كانت الإشارة فى هنا ونحوها حسية وفى أل العهدية ذهنية لم يرتض المحققون ذلك ، وذهبوا إلى ما ذكره الشارح من أن أسماء الإشارة بنيت لشبهها فى المعنى حرفا مقدرا.
ونظير «هنا» فبما ذكرناه «لدى» فإنها دالة على الملاصقة والقرب زيادة على الظرفية ، والملاصقة والقرب من المعانى التى لم تضع العرب لها حرفا ، وأيضا «ما» التعجبية ، فإنها دالة على التعجب ، ولم تضع العرب للتعجب حرفا ، فيكون بناء كل واحد من هذين الاسمين لشبهه فى المعنى حرفا مقدرا ، فافهم ذلك.
(٢) اسم الفعل مادام مقصودا معناه لا يدخل عليه عامل أصلا ، فضلا عن أن يعمل فيه ، وعبارة الشارح كغيره توهم أن العوامل قد تدخل عليه ولكنها لا تؤثر فيه ، فكان الأولى به أن يقول «ولا يدخل عليه عامل أصلا» بدلا من قوله «ولا يعمل فيه غيره» وقولنا «مادام مقصودا منه معناه» يريد به الإشارة إلى أن اسم الفعل إذا لم يقصد به معناه ـ بأن يقصد لفظه مثلا ـ فإن العامل قد يدخل عليه ، وذلك كما فى قول زهير ابن أبى سلمى المزنى :