(والرابع) شبه الحرف فى الافتقار اللازم ، وإليه أشار بقوله : «وكافتقار أصّلا» وذلك كالأسماء الموصولة ، نحو «الذى» فإنها مفتقرة فى سائر أحوالها إلى الصّلة ؛ فأشبهت الحرف فى ملازمة الافتقار ، فبنيت (١).
وحاصل البيتين أن البناء يكون فى ستة أبواب : المضمرات ، وأسماء الشرط ، وأسماء الاستفهام ، وأسماء الإشارة ، وأسماء الأفعال ، والأسماء الموصولة.
* * *
__________________
لفعل محذوف من معناه ، وزيد : فاعل به ، وكأنك قلت : بعد بعدا زيد ، فهو متأثر بعامل لفظى محذوف من الكلام ، ولا يجرى كلام الناظم على واحد من هذين القولين ، الثانى والثالث ، وعلة بناء اسم الفعل على هذين القولين تضمن أغلب ألفاظه ـ وهى الألفاظ الدالة على الأمر منه ـ معنى لام الأمر ، وسائره محمول عليه ، يعنى أن اسم الفعل أشبه الحرف شبها معنويا ، لا نيابيا.
(١) زاد ابن مالك فى شرح الكافية الكبرى نوعا خامسا سماه الشبه الإهمالى ، وفسره بأن يشبه الاسم الحرف فى كونه لا عاملا ولا معمولا. ومثل له بأوائل السور نحو «ألم ، ق ، ص» وهذا جار على القول بأن فواتح السور لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها من المتشابه الذى لا يدرك معناه ، وقيل : إنها فى محل رفع على أنها مبتدأ خبره محذوف ، أو خبر مبتدؤه محذوف ، أو فى محل نصب بفعل مقدر كاقرأ ونحوه ، أو فى محل جر بواو القسم المحذوفة ، وجعل بعضهم من هذا النوع الأسماء قبل التركيب ، وأسماء الهجاء المسرودة ، وأسماء العدد المسرودة ، وزاد ابن مالك أيضا نوعا سادسا سماه الشبه اللفظى ، وهو : أن يكون لفظ الاسم كلفظ حرف من حروف المعانى ، وذلك مثل «حاشا» الاسمية ؛ فإنها أشبهت «حاشا» الحرفية فى اللفظ.
واعلم أنه قد يجتمع فى اسم واحد مبنى شبهان فأكثر ، ومن ذلك المضمرات ؛ فإن فيها الشبه المعنوى ، إذ التكلم والخطاب والغيبة من المعانى التى تتأدى بالحروف ، وفيها الشبه الافتقارى ؛ لأن كل ضمير يفتقر افتقارا متأصلا إلى ما يفسره ، وفيها الشبه الوضعى ، فإن أغلب الضمائر وضع على حرف أو حرفين ، وما زاد فى وضعه على ذلك فمحمول عليه ، طردا للباب على وتيرة واحدة.