ومقتضى كلام المصنف أنه يجوز فتح «إنّ» وكسرها بعد القسم إذا لم يكن فى خبرها اللام ، سواء كانت الجملة المقسم بها فعلية ، والفعل فيها ملفوظ به ، نحو «حلفت إنّ زيدا قائم» أو غير ملفوظ به ، نحو «والله إنّ زيدا قائم» أو اسمية ، نحو «لعمرك إنّ زيدا قائم» (١).
__________________
يكون جملة ، وبستدعى محلوفا عليه يكون مفردا ويتعدى له فعل القسم بعلى ؛ فإن قدرت «أن» بمصدر كان هو المحلوف عليه وكان مفردا مجرورا بعلى محذوفة ، وإن قدرت أن جملة فهى جواب القسم ، فتنبه لهذا الكلام.
(١) اعلم أن ههنا أربع صور :
الأولى : أن يذكر فعل القسم ، وتقع اللام فى خبر إن ، نحو قولك : حلفت بالله إنك لصادق ، ومنه قوله تعالى : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ) وقوله جل شأنه : (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ).
والثانية : أن يحذف فعل القسم ، وتقع اللام أيضا فى خبر إن ، نحو قولك : والله إنك لمؤدب ، ومنه قوله تعالى : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ).
ولا خلاف فى أنه يتعين كسر همزة إن فى هاتين الصورتين ؛ لأن اللام لا تدخل إلا على خبر إن المكسورة.
والصورة الثالثة : أن يذكر فعل القسم ، ولا تقترن اللام بخبر إن ، كما فى البيت الشاهد السابق (رقم ٩٨).
ولا خلاف أيضا فى أنه يجوز فى هذه الصورة وجهان : كسر همزة إن ، وفتحها ، على التأويلين اللذين ذكرهما الشارح ، وذكرناهما فى شرح الشاهد السابق.
والصورة الرابعة : أن يحذف فعل القسم ، ولا تقترن اللام بخبر إن ، نحو قولك ، والله إنك عالم ، ومنه قوله تعالى : (حم وَالْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ).
وفى هذه الصورة خلاف ، والكوفيون يجوزون فيها الوجهين ، والبصريون لا يجوزون فتح الهمزة ، ويوجبون كسرها ؛ والذى حققه أثبات العلماء أن مذهب الكوفيين فى هذا الموضع غير صحيح ، فقد نقل ابن هشام إجماع العرب على الكسر ، وقال السيوطى فى جمع الجوامع : «وما نقل عن الكوفيين من جواز الفتح فيها غلط ؛ لانه لم يسمع» اه.