والثانى : الرفع نحو «إنّ زيدا قائم وعمرو» واختلف فيه (١) ؛ فالمشهور أنه معطوف على محلّ اسم «إنّ» فإنه فى الأصل مرفوع لكونه مبتدأ ، وهذا يشعر به [ظاهر] كلام المصنف ، وذهب قوم إلى أنه مبتدأ وخبره محذوف ، والتقدير : وعمرو كذلك ، وهو الصحيح.
فإن كان العطف قبل أن تستكمل «إنّ» ـ أى قبل أن تأخذ خبرها ـ تعيّن النصب عند جمهور النحويين ؛ فتقول : إنّ زيدا وعمرا قائمان ، وإنّك وزيدا ذاهبان ، وأجاز بعضهم الرفع.
__________________
(١) مما لا يستطيع أن يجحده واحد من النحاة أنه قد ورد عن العرب ـ فى جملة صالحة من الشعر ، وفى بعض النثر ـ وقوع الاسم المرفوع مسبوقا بالواو بعد اسم إن المنصوب وقبل خبرها ، ومنه قول ضابىء بن الحارث البرجمى :
فمن يك أمسى بالمدينة رحله |
|
فإنّى وقيّار بها لغريب |
ومنه ما أنشده ثعلب ، ولم يعزه إلى قائل معين :
خليلىّ هل طبّ فإنّى وأنتما |
|
ـ وإن لم تبوحا بالهوى ـ دنفان! |
وقد ورد فى القرآن الكريم آيتان ظاهرهما كظاهر هذين البيتين ؛ الأولى قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) والثانية قراءة بعضهم : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ) برفع «ملائكته».
وقد اختلف النحاة فى تخريج ذلك ؛ فذهب الكسائى إلى أن الاسم المرفوع معطوف على اسم إن باعتباره مبتدأ قبل دخول إن ، وذهب الجمهور من البصريين إلى أن هذا الاسم المرفوع مبتدأ خبره محذوف ، أو خبره المذكور فيما بعد وخبر إن هو المحذوف وجملة المبتدأ وخبره معطوفة على جملة إن واسمها وخبرها ، وذهب المحقق الرضى إلى أن جملة المبتدأ والخبر حينئذ لا محل لها معترضة بين اسم إن وخبرها ، وهو حسن ؛ لما يلزم على جعلها معطوفة على جملة إن واسمها وخبرها من تقديم المعطوف على بعض المعطوف عليه ؛ لأن خبر إن متأخر فى اللفظ أو فى التقدير عن جملة المبتدأ والخبر ، وخبر إن جزء من الجملة المعطوف عليها.