وإلى هذا أشار المصنف بقوله : «إذا المراد مع سقوطه ظهر» واحترز بهذا مما لا يظهر المراد مع سقوطه ؛ فإنه لا يجوز حينئذ الحذف كما تقدم.
* * *
__________________
إذا اللّقاح غدت ملقى أصرّتها |
|
ولا كريم من الولدان مصبوح |
اللغة : «اللقاح» جمع لقوح ، وهى الناقة الحلوب «أصرتها» جمع صرار ، وهو خيط يشد به رأس الضرع لئلا يرضعها ولدها ، وإنما تلقى الأصرة حين لا يكون در ، وذلك فى سنى القحط «مصبوح» اسم مفعول من صبحته ـ بتخفيف الباء ـ إذا سقيته الصبوح ، وهو ـ بفتح الصاد وضم الباء الموحدة ـ الشرب بالغداة ، والغداة : الوقت ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس.
الإعراب : «إذا» ظرف للزمان المستقبل تضمن معنى الشرط «اللقاح» اسم لغدا محذوفا يدل عليه المذكور بعده ، وخبره محذوف يدل عليه ما بعده أيضا ، والتقدير : إذا غدت اللقاح ملقى أصرتها «غدت» غدا : فعل ماض ناقص بمعنى صار ، والتاء للتأنيث ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على اللقاح «ملقى» خبر غدا ، وهو اسم مفعول «أصرتها» أصرة : نائب فاعل لملقى ، وأصرة مضاف والضمير العائد إلى اللقاح مضاف إليه «ولا» نافية للجنس «كريم» اسمها «من الولدان» جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لكريم «مصبوح» خبر لا.
الشاهد فيه : قوله «ولا كريم من الولدان مصبوح» حيث ذكر خبر لا ، وهو قوله «مصبوح» لكونه ليس يعلم إذا حذف ، ولو أنه حذفه فقال «ولا كريم من الولدان» لفهم منه أن المراد ولا كريم من الولدان موجود ؛ لأن الذى يحذف ـ عند عدم قيام قرينة ـ هو الكون العام ، ولا شك أن هذا المعنى غير المقصود له.
هذا تخريج البيت على ما يريد الشارح والناظم تبعا لسيبويه شيخ النحاة.
وقد أجاز الأعلم الشنتمرى وأبو على الفارسى وجار الله الزمخشرى أن يكون الخبر محذوفا ، وعليه يكون قوله «مصبوح» نعتا لاسم لا ، باعتبار أصله ، وهو المعبر عنه بأنه تابع على محل لا واسمها معا ؛ لأنهما فى التقدير مبتدأ عند سيبويه ، كما تقدم بيانه.