ونبّه المصنف بقوله : «أعنى رأى» على أن أفعال القلوب منها ما ينصب مفعولين وهو «رأى» وما بعده مما ذكره المصنف فى هذا الباب ، ومنها ما ليس كذلك ، وهو قسمان : لازم ، نحو «جبن زيد» ومتعد إلى واحد ، نحو «كرهت زيدا».
هذا ما يتعلق بالقسم الأول من أفعال هذا الباب ، وهو أفعال القلوب.
وأما أفعال التّحويل ـ وهى المرادة بقوله : «والتى كصيرا ـ إلى آخره» ـ فتتعدّى أيضا إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، وعدّها بعضهم سبعة : «صيّر» نحو «صيّرت الطّين خزفا» و «جعل» نحو قوله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) و «وهب» كقولهم «وهبنى الله
__________________
بحرف نداء محذوف ، وأبا مضاف ، و «مالك» مضاف إليه «وإلا» هى إن الشرطية مدغمة فى لا النافية ، وفعل الشرط محذوف يدل عليه ما قبله من الكلام ، وتقديره : وإن لا تفعل ، مثلا «فهبنى» الفاء واقعة فى جواب الشرط ، هب : فعل أمر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والنون للوقاية ، والياء مفعول أول «امرأ» مفعول ثان لهب «هالكا» نعت لامرىء.
الشاهد فيه : قوله «فهبنى امرأ» فإن «هب» فيه بمعنى فعل الظن ، وقد نصب مفعولين ، أحدهما ياء المتكلم ، وثانيهما قوله «امرأ» على ما أوضحناه فى الإعراب.
واعلم أن «هب» ـ بهذا المعنى ـ فعل جامد لا يتصرف ؛ فلا يجىء منه ماض ولا مضارع ، بل هو ملازم لصيغة الأمر ، فإن كان من الهبة ـ وهى التفضل بما ينفع الموهوب له ـ كان متصرفا تام التصرف ، قال الله تعالى : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) وقال سبحانه : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً) وقال : (هَبْ لِي حُكْماً).
واعلم أيضا أن الغالب على «هب» أن يتعدى إلى مفعولين صريحين كما فى البيت الشاهد ، وقد يدخل على «أن» المؤكدة ومعموليها ؛ فزعم ابن سيده والجرمى أنه لحن. وقال الأثبات من العلماء المحققين : ليس لحنا ؛ لأنه واقع فى فصيح العربية. وقد روى مر حديث عمر «هب أن أبانا كان حمارا» ، وهو ـ مع فصاحته ـ قليل.