الرّؤيا انم» أى : انسب لرأى التى مصدرها الرؤيا ما نسب لعلم المتعدية إلى اثنين ؛ فعبّر عن الحلمية بما ذكر ؛ لأن «الرؤيا» وإن كانت تقع مصدرا لغير «رأى» الحلمية ، فالمشهور كونها مصدرا لها (١) ، ومثال استعمال «رأى» الحلمية متعدية إلى اثنين قوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً) فالياء مفعول أول ، و «أعصر خمرا» جملة فى موضع المفعول الثانى ، وكذلك قوله :
(١٣١) ـ
أبو حنش يؤرّقنى ، وطلق ، |
|
وعمّار ، وآونة أثالا |
أراهم رفقتى ، حتّى إذا ما |
|
تجافى اللّيل وانخزل انخزالا |
إذا أنا كالّذى يجرى لورد |
|
إلى آل ؛ فلم يدرك بلالا |
فالهاء والميم فى «أراهم» : المفعول الأول ، و «رفقتى» هو المفعول الثانى.
* * *
__________________
(١) المشهور عند علماء اللغة أنك تقول : رأيت رؤيا صالحة ، إذا كنت تريد أنك أبصرت بعينك فى حال يقظتك ، وبعض أهل اللغة يوجبون ذلك ، ولا يجيزون خلافه ، وبعضهم يجيز أن تقول : رأيت رؤيا ـ بالألف ـ وأنت تريد معنى أبصرت فى حال اليقظة ويستشهدون على صحة ذلك بقول الراعى :
فكبّر للرّؤيا وهشّ فؤاده |
|
وبشّر قلبا كان جمّا بلابله |
ومع أنهم جوزوا ذلك ، واستدلوا لصحته ، ليس فى مكنتهم أن يدعوا كثرته ، بل الكثير المشهور المتعارف هو ما ذكرناه أولا ؛ ولهذا كان قول الناظم : «ولرأى الرؤيا» إشارة إلى رأى الحلمية.
١٣١ ـ هذه الأبيات لعمرو بن أحمر الباهلى ، من قصيدة له يندب فيها قومه ويبكيهم ، وأولها قوله :
أبت عيناك إلّا أن تلحّا |
|
وتحتالا بما بهما احتيالا |
كأنّهما سعينا مستغيث |
|
يرجّى طالعا بهما ثقالا |
وهى خرزاهما ؛ فالماء يجرى |
|
خلالهما ، وينسلّ انسلالا |