وتظهر فائدة الخلاف فى غير الصورة الأخيرة ـ وهى صورة الإفراد ـ نحو «زيد قام» ؛ فتقول على مذهب الكوفيين : «الزيدان قام ، والزيدون قام» وعلى مذهب البصريين يجب أن تقول : «الزيدان قاما ، والزيدون قاموا» ، فتأتى بألف وواو فى الفعل ، ويكونان هما الفاعلين ، وهذا معنى قوله : «وبعد فعل فاعل».
وأشار بقوله : «فإن ظهر ـ إلخ» إلى أن الفعل وشبهه لا بدّ له من مرفوع (١) ، فإن ظهر فلا إضمار ، نحو «قام زيد» وإن لم يظهر فهو ضمير ، نحو «زيد قام» أى : هو.
* * *
__________________
شك أن بين الحالتين فرقا ؛ فإن جملة الفعل وفاعله تدل على حدوث القيام بعد أن لم يكن ، وجملة المبتدأ وخبره الفعلى تدل على الثبوت وعلى تأكيد إسناد القيام لزيد ، ولا يجوز إغفال هذا الفرق بادعاء أنه مما لا يتعلق به المقصود من إفادة إسناد القيام لزيد على جهة وقوعه منه ، وأنه مما يتعلق به غرض أهل البلاغة الذين يبحثون عن معان للتراكيب غير المعانى الأولية التى تدل عليها الألفاظ مع قطع النظر عن التقديم والتأخير ونحوهما.
وأجابوا عما استدل به الكوفيون بأن البيت يحتمل غير ما ذكروا من وجوه الإعراب ؛ إذ يجوز أن يكون «مشى ، مبتدأ ، والضمير مضاف إليه ، و «وئيدا» حال من فاعل فعل محذوف ، والتقدير : مشيها يظهر وئيدا ، وجملة الفعل المحذوف وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، ومتى كان البيت محتملا لم يصلح دليلا.
(١) بعض الأفعال لا يحتاج إلى فاعل ؛ فكان على الشارح أن يستثنيه من هذا العموم ، ونحن نذكر لك ثلاثة مواضع من هذه القبيل :
(الأول) الفعل المؤكد فى نحو قول الشاعر :
* أتاك أتاك اللّاحقون احبس احبس*