وأشار بقوله : «وقد يجى المفعول قبل الفعل» إلى أن المفعول قد يتقدم على الفعل ، وتحت هذا قسمان :
أحدهما : ما يجب تقديمه ، وذلك (١) كما إذا كان المفعول اسم شرط ، نحو «أيّا تضرب [أضرب]» أو اسم استفهام ، نحو «أىّ رجل ضربت؟» أو ضميرا منفصلا لو تأخر لزم اتّصاله ، نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فلو أخّر المفعول لزم الاتصال ، وكان يقال : «نعبدك» فيجب التقديم ، بخلاف قولك «الدّرهم إياه أعطيتك» فإنه لا يجب تقديم «إياه» لأنك لو أخرته لجاز اتصاله وانفصاله ، على ما تقدم فى باب المضمرات ؛ فكنت تقول : «الدّرهم أعطيتكه ، وأعطيتك إياه».
__________________
(١) يجب تقديم المفعول به على الفعل العامل فيه فى ثلاثة مواضع ، وقد ذكر الشارح موضعين منها من غير ضبط.
الموضع الأول : أن يكون المفعول واحدا من الأشياء التى يجب لها التصدر ، وذلك بأن يكون اسم شرط أو اسم استفهام ، أو يكون المفعول «كم» الخبرية ، نحو : كم عبيد ملكت ، أو مضافا إلى واحد مما ذكر ، نحو غلام من تضرب أضرب ، ونحو غلام من ضربت؟ ونحو مال كم رجل غصبت.
الموضع الثانى : أن يكون المفعول ضميرا منفصلا فى غير باب «سلنيه» و «خلتنيه» اللذين يجوز فيهما الفصل والوصل مع التأخر ، نحو قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ ، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
الموضع الثالث : أن يكون العامل فى المفعول واقعا فى جواب «أما» وليس معنا ما يفصل بين «أما» والفعل من معمولاته سوى هذا المفعول ، سواء أكانت «أما» مذكورة فى الكلام نحو قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) أم كانت مقدرة نحو قوله سبحانه (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) فإن وجد ما يكون فاصلا بين «أما» والفعل سوى المفعول لم يجب تقديم المفعول على الفعل ، نحو قولك : أما اليوم فأد واجبك ، والسر فى ذلك أن «أما» يجب أن يفصل بينها وبين الفاء بمفرد ؛ فلا يجوز أن تقع الفاء بعدها مباشرة ، ولا أن يفصل بينها وبين الفاء بجملة ، كما سيأتى بيانه فى بابها.