أى : شاع فى لسان العرب تقديم المفعول المشتمل على ضمير يرجع إلى الفاعل المتأخر (١) ، وذلك نحو «خاف ربّه عمر» فـ «ربّه» مفعول ، وقد اشتمل على ضمير يرجع إلى «عمر» وهو الفاعل ، وإنما جاز ذلك ـ وإن كان فيه عود الضمير على متأخر لفظا ـ لأن الفاعل منوىّ التقديم على المفعول ؛ لأن الأصل فى الفاعل أن يتصل بالفعل ؛ فهو متقدم رتبة ، وإن تأخّر لفظا.
فلو اشتمل المفعول على ضمير يرجع إلى ما اتّصل بالفاعل ، فهل يجوز تقديم المفعول على الفاعل؟ فى ذلك خلاف ، وذلك نحو «ضرب غلامها جار هند» فمن أجازها ـ وهو الصحيح ـ وجّه الجواز بأنه لما عاد الضمير على ما اتصل بما رتبته التقديم كان كعوده على ما رتبته التقديم ؛ لأن المتصل بالمتقدم متقدم.
وقوله : «وشذ ـ إلى آخره» أى شذّ عود الضمير من الفاعل المتقدم على المفعول المتأخر ، وذلك نحو «زان نوره الشّجر» فالهاء المتصلة بنور ـ الذى هو الفاعل ـ عائدة على «الشجر» وهو المفعول ، وإنما شذ ذلك لأن فيه عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة ؛ لأن «الشجر» مفعول ، وهو متأخّر لفظا ، والأصل فيه أن ينفصل عن الفعل ؛ فهو متأخر رتبة ، وهذه المسألة ممنوعة عند جمهور النحويين وما ورد من ذلك تأوّلوه ، وأجازها أبو عبد الله الطّوال من الكوفيين ، وأبو الفتح بن جنى ، وتابعهما المصنف (٢) ، ومما ورد من ذلك قوله :
__________________
نحو إليها ، والمراد بنحو «خاف ربه عمر» : كل كلام اتصل فيه ضمير الفاعل المتأخر بالمفعول المتقدم ، والمراد بنحو «زان نوره الشجر» : كل كلام اتصل فيه ضمير المفعول المتأخر بالفاعل المتقدم.
(١) من ذلك قول الأعشى ميمون :
كناطح صخرة يوما ليوهنها |
|
فلم يضرها ، وأوهى قرنه الوعل |
(٢) ذهب إلى هذا الأخفش أيضا ، وابن حتى تابع فيه له. وقد أيدهما فى ذلك