وقوله :
(١٥٠) ـ
كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد |
|
ورقى نداه ذا النّدى فى ذرى المجد |
__________________
وسننشد فى شرح الشاهد رقم ١٥٣ الآتى بعض شواهد لهذه المسألة ، ونذكر لك ما نرجحه من أقوال العلماء.
١٥٠ ـ البيت من الشواهد التى لا يعلم قائلها.
اللغة : «كسا» فعل يتعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، تقول : كسوت محمدا جبة ، كما تقول : ألبست عليا قميصا «حلمه» الحلم : الأناة والعقل ، وهو أيضا تأخير العقوبة وعدم المعاجلة فيها «سؤدد» هو السيادة «ورقى» بتضعيف القاف ـ أصل معناه جعله يرقى : أى يصعد ، والمرقاة : السلم الذى به تصعد من أسفل إلى أعلى ، والمراد رفعه وأعلى منزلته من بين نظرائه «الندى» المراد به الجود والكرم «ذرى» بضم الذال ـ جمع ذروة ، وهى أعلى الشىء.
الإعراب : «كسا» فعل ماض «حلمه» حلم : فاعل كسا ، وحلم مضاف والضمير مضاف إليه «ذا الحلم» ذا : مفعول أول لكسا ، وذا مضاف والحلم مضاف إليه «أثواب سؤدد» أثواب : مفعول ثان لكسا ، وأثواب مضاف وسؤدد مضاف إليه «ورقى» فعل ماض «نداه» فاعل ومضاف إليه «ذا الندى» مفعول به ومضاف إليه «فى ذرى» جار ومجرور متعلق برقى. وذرى مضاف ، و «المجد» مضاف إليه.
الشاهد فيه : قوله «كسا حلمه ذا الحلم ، ورقى نداء ذا الندى» فإن المفعول فيهما متأخر عن الفاعل مع أن مع الفاعل ضميرا يعود على المفعول ؛ فيكون فيه إعادة الضمير على متأخر فى اللفظ والرتبة جميعا ، وذلك لا يجوز عند جمهور البصريين ، خلافا لابن جنى ـ تبعا للأخفش ـ وللرضى ، وابن مالك فى بعض كتبه
كذا قالوا. ونحن نرى أنه لا يبعد ـ فى هذا البيت ـ أن يكون الضمير فى «حلمه ، ونداه» عائدا على ممدوح ذكر فى أبيات تقدمت البيت الشاهد ؛ فيكون المعنى أن حلم هذا الممدوح هو الذى أثر فيمن تراهم من أصحاب الحلم ؛ إذ ائتسوا به وجعلوه قدوة لهم ، واستمر تأثيره فيهم حتى بلغوا الغاية من هذه الصفة ، وأن ندى هذا الممدوح أثر كذلك فيمن تراهم من أصحاب الجود ؛ فافهم وأنصف.