فلو كان الضمير المتصل [بالفاعل] المتقدم عائدا على ما اتّصل بالمفعول المتأخر امتنعت المسالة ، وذلك نحو «ضرب بعلها صاحب هند» ، وقد نقل بعضهم فى هذه المسألة أيضا خلافا ، والحقّ فيها المنع.
* * *
__________________
الإعراب : «جزى» فعل ماض «بنوه» فاعل ، ومضاف إليه «أبا الغيلان» مفعول به ومضاف إليه «عن كبر» جار ومجرور متعلق بجزى «وحسن فعل» الواو عاطفة ، وحسن : معطوف على كبر ، وحسن مضاف وفعل مضاف إليه «كما» الكاف للتشبيه ، وما : مصدرية «يجزى» فعل مضارع مبنى للمجهول «سنمار» نائب فاعل يجزى ، و «ما» ومدخولها فى تأويل مصدر مجرور بالكاف ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف يقع مفعولا مطلقا مبينا لنوع «جزى» ، وتقدير الكلام : جزى بنوه أبا الغيلان جزاء مشابها لجزاء سنمار.
الشاهد فيه : قوله «جزى بنوه أبا الغيلان» حيث أخر المفعول ، وهو قوله «أبا الغيلان» عن الفاعل ، وهو قوله «بنوه» ، مع أن الفاعل متصل بضمير عائد على المفعول.
هذا ، ومن شواهد هذه المسألة مما لم ينشده الشارح ـ زيادة على ما ذكرناه فى شرح الشاهد رقم ١٤٩ ـ قول الشاعر :
وما نفعت أعماله المرء راجيا |
|
جزاء عليها من سوى من له الأمر |
حيث قدم الفاعل ـ وهو قوله «أعماله» ـ على المفعول ـ وهو قوله «المرء» مع أنه قد اتصل بالفاعل ضمير يعود إلى المفعول ؛ فجملة ما أنشده الشارح وأنشدناه لهذه المسألة ثمانية شواهد.
ولكثرة شواهد هذه المسألة نرى أن ما ذهب إليه الأخفش ـ وتابعه عليه أبو الفتح ابن جنى ، والإمام عبد القاهر الجرجانى ، وأبو عبد الله الطوال ، وابن مالك ، والمحقق الرضى ـ من جواز تقديم الفاعل المتصل بضمير يعود إلى المفعول ، هو القول الخليق بأن تأخذ به وتعتمد عليه ، ونرى أن الإنصاف واتباع الدليل يوجبان علينا أن نوافق هؤلاء الأئمة على ما ذهبوا إليه وإن كان الجمهور على خلافه ؛ لأن التمسك بالتعليل مع وجود النص على خلافه مما لا يجوز ، وأحكام العربية يقضى فيها على وفق ما ورد عن أهلها.