هذا هو الذى تقدّم أنه القسم الرابع ، وهو ما يجوز فيه الأمران ويختار الرفع ، وذلك : كلّ اسم لم يوجد معه ما يوجب نصبه ، ولا ما يوجب رفعه ، ولا ما يرجّح نصبه ، ولا ما يجوّز فيه الأمرين على السواء ، وذلك نحو «زيد ضربته» فيجوز رفع «زيد» ونصبه ، والمختار رفعه ؛ لأن عدم الإضمار أرجح من الإضمار ، وزعم بعضهم أنه لا يجوز النصب ؛ لما فيه من كلفة الإضمار ، وليس بشىء ، فقد نقله سيبويه وغيره من أئمة العربية ، وهو كثير ، وأنشد أبو السعادات ابن الشّجرىّ فى أماليه على النصب قوله :
(١٥٨) ـ
فارسا ما غادروه ملحما |
|
غير زمّيل ولا نكس وكل |
ومنه قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها) بكسر تاء «جنّات».
* * *
__________________
١٥٨ ـ البيت لامرأة من بنى الحارث بن كعب ، وهو أول ثلاثة أبيات اختارها أبو تمام فى ديوان الحماسة (انظر شرح التبريزى ٣ ـ ١٢١ بتحقيقنا) ونسبها قوم إلى علقمة بن عبدة ، وليس ذلك بشىء ، وبعد بيت الشاهد قولها :
لو يشا طار به ذو ميعة |
|
لاحق الآطال نهد ذو خصل |
غير أنّ الباس منه شيمة |
|
وصروف الدّهر تجرى بالاجل |
اللغة : «فارسا» هذه الكلمة تروى بالرفع وبالنصب ، وممن رواها بالرفع أبو تمام فى ديوان الحماسة ، وممن رواها بالنصب أبو السعادات ابن الشجرى كما قال الشارح «ما» زائدة «غادروه» تركوه فى مكانه ، وسمى الغدير غديرا لأنه جزء من الماء يتركه السيل ؛ فهو فعيل بمعنى مفعول فى الأصل. ثم نقل إلى الاسمية «ملحم» بزنة المفعول : الذى ينشب فى الحرب فلا يجد له مخلصا «الزميل» بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحا : الضعيف الجبان «النكس» بكسر أوله وسكون ثانيه : الضعيف الذى يقصر عن النجدة وعن غاية المجد والكرم «الوكل» بزنة كتف ـ الذى يكل أمره إلى غيره عجزا «لو يشا ـ إلخ» معناه أنه لو شاء النجاة لأنجاه فرس له نشاط وسرعة جرى وحدة ، والنهد : الغليظ ، والحصل : جمع خصلة ، وهى ما يتدلى من أطراف الشعر