أى : تمرّون بالديار. ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير «أنّ» و «أن» بل يقتصر فيه على السماع ، وذهب [أبو الحسن علىّ ابن سليمان البغدادىّ وهو] الأخفش الصغير إلى أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياسا ، بشرط تعيّن الحرف ، ومكان الحذف ، نحو : «بريت القلم بالسكين» فيجوز عنده حذف الباء ؛ فتقول : «بريت القلم السكين» فإن لم يتعين الحرف لم يجز الحذف ، نحو : «رغبت فى زيد» فلا يجوز حذف «فى» ؛ لأنه لا يدرى حينئذ : هل التقدير «رغبت عن زيد» أو «فى زيد» وكذلك إن لم يتعين مكان الحذف لم يجز ، نحو «اخترت القوم من بنى تميم» فلا يجوز الحذف ؛ فلا تقول : «اخترت القوم بنى تميم» ؛ إذ لا يدرى : هل الأصل «اخترت القوم من بنى تميم» أو «اخترت من القوم بنى تميم».
وأما «أنّ ، وأن» فيجوز حذف حرف الجر معهما قياسا مطّردا ، بشرط أمن اللبس ، كقولك «عجبت أن يدوا» والأصل «عجبت من أن يدوا» أى : من أن يعطوا الدّية ، ومثال ذلك مع أنّ ـ بالتشديد ـ «عجبت من أنّك قائم» فيجوز حذف «من» فتقول : «عجبت أنّك قائم» ؛ فإن حصل لبس لم يجز
__________________
«الحذف والإيصال» وهذا قاصر على السماع ، ولا يجوز ارتكابه فى سعة الكلام ، إلا إذا كان المجرور مصدرا مؤولا من «أن» المؤكدة مع اسمها وخبرها ، أو من «أن» المصدرية مع منصوبها.
ومثل هذا الشاهد قول عمر بن أبى ربيعة المخزومى :
غضبت أن نظرت نحو نساء |
|
ليس يعرفننى مررن الطّريقا |
ومحل الاستشهاد قوله «مررن الطريقا» حيث حذف حرف الجر ثم أوصل الفعل اللازم إلى الاسم الذى كان مجرورا فنصبه ، وأصل الكلام : مررن بالطريق ، وفيه شاهد آخر للقياسى من هذا الباب ؛ وذلك فى قوله «غضبت أن نظرت» وأصله : غضبت من أن نظرت.