هذا كلّه إذا كان غير المرفوع ليس بعمدة فى الأصل ، فإن كان عمدة فى الأصل فلا يخلو : إما أن يكون الطالب له هو الأول ، أو الثانى ؛ فإن كان الطالب له هو الأول وجب إضماره مؤخرا ؛ فتقول : «ظنّنى وظننت زيدا قائما إيّاه» وإن كان الطالب له هو الثانى أضمرته : متصلا كان ، أو منفصلا ؛ فتقول : «ظننت وظنّنيه زيدا قائما ، وظننت وظنّنى إيّاه زيدا قائما».
ومعنى البيتين أنك إذا أهملت الأول لم تأت معه بضمير غير مرفوع ـ وهو المنصوب والمجرور ـ فلا تقول : «ضربته وضربنى زيد» ، ولا مررت به ومرّ بى زيد» بل يلزم الحذف ؛ فتقول : «ضربت وضربنى زيد ، ومررت ومرّ بى زيد» إلا إذا كان المفعول خبرا فى الأصل ؛ فإنه لا يجوز حذفه ، بل يجب الإتيان به مؤخّرا ؛ فتقول «ظنّنى وظننت زيدا قائما إيّاه».
__________________
«يعشى» فعل مضارع «الناظرين» مفعول به ليعشى «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «هم» تأكيد لضمير متصل بفعل محذوف ، والتقدير : إذا لمحواهم «لمحوا» فعل ماض وفاعله ، والجملة لا محل لها من الإعراب مفسرة «شعاعه» شعاع : فاعل يعشى مرفوع بالضمة الظاهرة ، وشعاع مضاف وضمير الغائب مضاف إليه.
الشاهد فيه : قوله «يعشى ... لمحوا شعاعه» حيث تنازع كل من الفعلين «شعاعه» فالفعل الأول ـ وهو «يعشى» ـ يطلبه فاعلا له ، والفعل الثانى ـ وهو «لمحوا» ـ يطلبه مفعولا ، وقد أعمل فيه الأول ، بدليل أنه مرفوع ، وأعمل الثانى فى ضميره ، ثم حذف ذلك الضمير ضرورة ، وأصل الكلام قبل تقديم العاملين «يعشى الناظرين شعاعه إذا لمحوه» ثم صار بعد تقديمهما «يعشى الناظرين إذا لمحوه شعاعه» ثم حذفت الهاء من «لمحوه» فصار كما ترى فى البيت.
ومذهب الجمهور أن ذلك الحذف لا يجوز لغير الضرورة وذلك من قبل أن ذكره لا يترتب عليه محظور الإضمار قبل الذكر ، وفى حذفه فساد ، وهو تهيئة العامل للعمل ثم قطعه عنه من غير علة ولا سبب موجب له.
وذهب قوم إلى أن حذف الضمير فى مثل هذه الحال جائز فى سعة الكلام ، وذلك لأن هذا الضمير فضلة لا يجب ذكرها.