لكان «إياه» مطابقا للياء ، فى أنهما مفردان ، ولكن لا يطابق ما يعود عليه وهو «أخوين» ؛ لأنه مفرد ، و «أخوين» مثنى ؛ فتفوت مطابقة المفسّر للمفسّر ، وذلك لا يجوز ، وإن قلت «أظن ويظنانى إياهما زيدا وعمرا أخوين» حصلت مطابقة المفسّر للمفسّر ؛ [وذلك] لكون «إياهما» مثنى ، و «أخوين» كذلك ، ولكن تفوت مطابقة المفعول الثانى ـ الذى هو خبر فى الأصل ـ للمفعول الأول ـ الذى هو مبتدأ فى الأصل ؛ لكون المفعول الأول مفردا ، وهو الياء ، والمفعول الثانى غير مفرد ، وهو «إياهما» ، ولا بد من مطابقة الخبر للمبتدأ ، فلما تعذّرت [المطابقة] مع الإضمار وجب الإظهار ؛ فتقول : «أظن ويظنانى أخا زيدا وعمرا أخوين» ؛ فـ «زيدا وعمرا أخوين» : مفعولا أظن ، والياء مفعول يظنان الأول ، و «أخا» مفعوله الثانى ، ولا تكون المسألة ـ حينئذ ـ من باب (١) التنازع ؛ لأن كلا من العاملين عمل فى ظاهر ، وهذا مذهب البصريين.
وأجاز الكوفيّون الإضمار مراعى به جانب المخبر عنه ؛ فتقول : «أظن ويظنانى إياه زيدا وعمرا أخوين» وأجازوا أيضا الحذف ؛ فتقول : «أظن ويظنانى زيدا وعمرا أخوين».
* * *
__________________
(١) القول بأن هذه المسألة حينئذ ليست من باب التنازع هو الذى ذكره ابن هشام ووجه ذلك بأن العاملين بالنسبة للمفعول الثانى لم يعمل أحدهما فى لفظه والآخر فى ضميره بل لم تتوجه مطالبة كل واحد منهما إليه ، وهو شرط باب التنازع ، وذلك لأن «أخوين» معمول لأظن ، ولم يتوجه إليه يظنانى ؛ لعدم مطابقته لمفعوله الأول ؛ فإنه لا يطلب مفعولا ثانيا إلا بشرط مطابقته لمفعوله الأول. ونازع فى هذا قوم من المتأخرين منهم ابن القاسم وقالوا : إن اشتراط صحة توجه كل من العاملين إلى المعمول إنما هو بالنظر إلى المعنى لا بالنظر إلى الإفراد والتثنية ، ولا بالنظر إلى نوع العمل ، أفلا ترى أنك لو قلت «ضربنى وضربت زيدا» لم يكن ليصح أن يتوجه الأول إلى «زيدا» المنصوب ، ولو قلت «ضربنى وضربته زيد» لم يكن يصح توجه الثانى إليه وهو مرفوع؟