وقد اجتمع تكرارها فى البدل والعطف فى قوله :
(١٧٠) ـ
مالك من شيخك إلا عمله |
|
إلّا رسيمه وإلّا رمله |
__________________
الموضع زيادة «لا» فى نحو قولك : مررت برجل لا كريم ولا شجاع ؛ فالواو عاطفة لما بعد «لا» الثانية على ما بعد «لا» الأولى ، وليست «لا» الثانية إلا زائدة لمجرد تأكيد أن ما بعدها معطوف على مدخول الأولى.
١٧٠ ـ البيت لراجز لم يسمه أحد ممن اطلعنا على أقوالهم ، وهو من شواهد سيبويه (١ / ٣٧٤).
اللغة : «شيخك» هكذا يقرأه الناس قديما وحديثا بالياء المثناة بعدها خاء معجمة ، ويشتهر على ألسنة الجميع أنه الجمل ، ولكنا لم نقف على هذا المعنى لهذا اللفظ فى كتب اللغة الموثوق بها ، والمنصوص عليه أن الشيخ هو الرجل المسن ، وعلى هذا يفسر الرسيم كما قال الأعلم بالسعى بين الصفا والمروة ، ويفسر الرمل بالسعى فى الطواف ، وكأنه قال : لا منفعة فى ولا عمل عندى أفوق فيه غيرى إلا هذان ، وزعم بعض الناس أن الصواب فى رواية هذه الكلمة «شنجك» بالنون والجيم الموحدتين ، وهو الجمل ، وأصل نونه متحركة فسكنها لإقامة الوزن ، وكأن الذى دعاه إلى ادعاء التصحيف ثم إلى هذا التفسير ذكر الرسيم والرمل. ولكن الذى عليه الرواة الأثبات من المتقدمين أولى بالاتباع ؛ إذ كانت اللغة لا تثبت إلا بالنقل ، و «رسيمه ورمله» على هذه الرواية الأخيرة ضربان من السير.
المعنى : المراد على الوجه الأخير : لا منفعة لك من جملك إلا فى نوعين من سيره ، وهما الرسيم والرمل وقد بينا لك المعنى على الرواية الأصيلة التى اخترناها وصوبناها.
الإعراب : «ما» نافية «لك» جار ومجرور ، ومثله «من شيخك» ويتعلقان بمحذوف خبر مقدم ، وشيخ مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه «إلا» أداة استثناء «عمله» عمل : مبتدأ مؤخر ، وعمل مضاف والضمير مضاف إليه «إلا» زائدة للتوكيد «رسيمه» رسيم : بدل من عمل ، بدل بعض من كل ، ورسيم مضاف والضمير مضاف إليه «وإلا» الواو عاطفة ، إلا : زائدة للتوكيد «رمله» رمل : معطوف على رسيمه ، ورمل مضاف وضمير الغائب العائد إلى شيخك مضاف إليه.
الشاهد فيه : قوله «إلا رسيمه وإلا رمله» حيث تكررت «إلا» فى البدل والعطف ، ولم تفد غير مجرد التوكيد ، وقد ألغيت.