وقوله :
(١٧٨) ـ
رأيت النّاس ما حاشا قريشا |
|
فإنّا نحن أفضلهم فعالا |
ويقال فى «حاشا» : «حاش ، وحشا».
* * *
__________________
ولا أرى فاعلا فى النّاس شبهه |
|
وما أحاشى من لأقوام من أحد |
والفرق بين حاشا الاستثنائية وهذا الفعل من ستة أوجه ، الأول : أن الاستثنائية تكون حرفا وتكون فعلا ، وهذه لا تكون إلا فعلا ، والثانى أن الاستثنائية ـ إن كانت فعلا ـ غير متصرفة ، وهذه متصرفة ، الثالث أن فاعل الاستثنائية مستتر وجوبا ، وهذه كغيرها من الأفعال ماضيها فاعله مستتر جوازا ، والرابع أن ألف الاستثنائية تكتب ألفا ، وهذه تكتب ألفها ياء ، والخامس : أن الاستثنائية يتعين فيها أن تكون من كلام صاحب الكلام الأول السابق عليها ، وهذه ليست كذلك ، بل لو تكلم بها صاحب الكلام الأول لقال : ما أحاشى ، أو قال : ما حاشيت ، كما قال النابغة الذبيانى «وما أحاشى» السادس : أن «ما» التى تسبق الاستثنائية مصدرية أو زائدة ، وأما التى تسبق هذه فهى نافية ، فاعرف ذلك وكن حريصا عليه ، والله ينفعك به.
١٧٨ ـ نسب العينى هذا البيت للأخطل غوث بن غياث ، وقد راجعت ديوان شعره فوجدت له قطعة على هذا الوزن والروى يهجو فيها جرير بن عطية ، وليس فيها بيت الشاهد.
اللغة : «رأيت» زعم العينى أن «رأى» ههنا من الرأى ، مثل التى فى قولهم : رأى أبو حنيفة حرمة كذا ، وعلى هذا تكون متعدية إلى مفعول واحد ، وليس الذى زعمه بسديد ، بل هى بمعنى العلم ، وتتعدى إلى مفعولين ، وقد ذكر الشاعر مفعولها الأول وحذف الثانى ، وتقديره : رأيت الناس دوننا أو أقل منا فى المنزلة ، ونحو ذلك ويجوز أن تكون جملة «فإنا نحن أكثرهم فعالا» فى محل نصب مفعولا ثانيا لرأى ، وزيدت الفاء فها كما زيدت فى خبر المبتدأ فى نحو قولهم. الذى يزورنى فله جائزة