لا يجوز مجىء الحال من المضاف إليه (١) ، إلا إذا كان المضاف مما يصحّ عمله فى الحال : كاسم الفاعل ، والمصدر ، ونحوهما مما تضمّن معنى الفعل ؛ فتقول : هذا ضارب هند مجردة ، وأعجبنى قيام زيد مسرعا ، ومنه قوله تعالى : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) ومنه قول الشاعر :
(١٨٩) ـ
تقول ابنتى : إنّ انطلاقك واحدا |
|
إلى الرّوع يوما تاركى لا أباليا |
__________________
(١) اختلف النحاة فى مجىء الحال من المضاف إليه ؛ فذهب سيبويه ـ رحمه الله! ـ إلى أنه يجوز أن يجىء الحال من المضاف إليه مطلقا : أى سواء أتوفر له واحد من الأمور الثلاثة المذكورة أم لم يتوفر ، وذهب غيره من النحاة إلى أنه إذا توفر له واحد من الأمور الثلاثة جاز ، وإلا لم يجز ، والسر فى هذا الخلاف أنهم اختلفوا فى : هل يجب أن يكون العامل فى الحال هو نفس العامل فى صاحب الحال ، أم لا يجب ذلك؟ فذهب سيبويه إلى أنه لا يجب أن يكون العامل فى الحال هو العامل فى صاحبها ، بل يجوز أن يكون العامل فيهما واحدا وأن يكون مختلفا ، وعلى ذلك أجاز أن يجىء الحال من المضاف إليه مطلقا ، وذهب غيره إلى أنه لا بد من أن يكون العامل فى الحال هو نفس العامل فى صاحبها ، وترتب على ذلك ألا يجوزوا مجىء الحال من المضاف إليه إلا إذا توفر له واحد من الأمور الثلاثة التى ذكرها الناظم والشارح ، وذلك لأن المضاف إن كان عاملا فى المضاف إليه بسبب شبهه للفعل لكونه مصدرا أو اسم فاعل كان كذلك عاملا فى الحال فيتحد العامل فى الحال والعامل فى صاحبه الذى هو المضاف إليه ، وإن كان المضاف جزء المضاف إليه أو مثل جزئه كان المضاف والمضاف إليه جميعا كالشىء الواحد ؛ فيصير فى هاتين الحالتين كأن صاحب الحال هو نفس المضاف ؛ فالعامل فيه هو العامل فى الحال ؛ فاحفظ هذا التحقيق النفيس ، واحرص عليه.
١٨٩ ـ البيت لمالك بن الريب ، أحد بنى مازن بن مالك ، من قصيدة له ، وأولها قوله :
ألا ليت شعرى هل أبيتنّ ليلة |
|
بجنب الغضى أزحى القلاص النّواجيا |
فليت الغضى لم يقطع الرّكب عرضه |
|
وليت الغضى ماشى الرّكاب لياليا |