وظاهر كلام المصنف ـ رحمه الله تعالى! ـ أن فتح النون فى التثنية ككسر نون الجمع فى القلّة ، وليس كذلك ، بل كسرها فى الجمع شاذّ وفتحها فى التثنيه لغة ، كما قدّمناه ، وهل يختص الفتح بالياء أو يكون فيها وفى الألف؟ قولان ؛ وظاهر كلام المصنف الثانى (١).
__________________
المعنى : يريد أن هذه القطاة قد طارت بجناحين سريعين ؛ فليس يقع نظرك عليها حين تهم بالطيران إلا لحظة يسيرة ثم تغيب عن ناظريك فلا تعود تراها ، يقصد أنها شديدة السرعة.
الإعراب : «على أحوذيين» جار ومجرور متعلق باستقلت «استقلت» استقل : فعل ماض ، والتاء للتأنيث ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على القطاة التى تقدم وصفها «عشية» ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق باستقلت «فما» الفاء عاطفة ، ما : نافية «هى» مبتدأ بتقدير مضافين ، والأصل : فما زمان مشاهدتها إلا لمحة وتغيب بعدها «إلا» أداة استثناء ملغاة لا عمل لها «لمحة» خبر المبتدأ «وتغيب» الواو عاطفة ، وتغيب فعل مضارع فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على القطاة ، والجملة من الفعل والفاعل معطوفة على جملة المبتدأ والخبر.
الشاهد فيه : فتح نون المثنى من قوله «أحوذيين» وهى لغة ، وليست بضرورة ؛ لأن كسرها يأتى معه الوزن ولا يفوت به غرض.
(١) اعلم أنهم اتفقوا على زيادة نون بعد ألف المثنى ويائه وبعد واو الجمع ويائه ؛ واختلف النحاة فى تعليل هذه الزيادة على سبعة أوجه ، الأول ـ وعليه ابن مالك ـ أنها زيدت دفعا لتوهم الإضافة فى «رأيت بنين كرماء» إذ لو قلت «رأيت بنى كرماء» لم يدر السامع الكرام هم البنون أم الآباء؟ فلما جاءت النون علمنا أنك إن قلت «بنى كرماء» فقد أردت وصف الآباء أنفسهم بالكرم وأن بنى مضاف وكرماء مضاف إليه ، وإن قلت «بنين كرماء» فقد أردت وصف الأبناء أنفسهم بالكرم وأن كرماء نعت لبنين ، وبعدا عن توهم الإفراد فى «هذان» ونحو «الخوزلان» و «المهتدين» ؛ إذ لو لا النون لالتبست الصفة بالمضاف إليه على ما علمت أولا ولالتبس المفرد بالمثنى أو بالجمع ؛ الثانى أنها زيدت عوضا عن الحركة فى الاسم المفرد ، وعليه الزجاج ، والثالث : أن زيادتها عوض عن التنوين فى الاسم المفرد. وعليه ابن كيسان ، وهو الذى يجرى على ألسنة المعربين ، والرابع : أنها عوض عن الحركة والتنوين معا ، وعليه ابن ولاد والجزولى.