وظاهر الصدوق العمل بمقتضاهما ، وتلزمه أفضلية تلقّي أخيه من السفر أو تشييعه من الصيام.
ويمكن أن يحمل على ما بعد الثالث والعشرين ؛ لعدم المقاومة ، سيّما مع معارضتها بما مرّ من ترجيح الصوم على زيارة سيد الشهداء عليهالسلام.
وقال في التذكرة : وروى ابن بابويه «أنّ تشييع المؤمن أفضل من المقام» وسكت (١) ، وكأنّه متوقّف في ذلك.
ويمكن أن يقال : مراد القوم كراهة السفر المباح دون الراجح ، ولكنّه ينافي إطلاقهم الكراهة في غير حال الضرورة ، واستدلالهم برواية أبي بصير في حكاية الزيارة (٢).
إلا أن يقال بتخصيص صحيحة الحلبي (٣) بالتلقّي والتشييع ؛ للروايتين المعتبرتين ، ولكن الزيارة ليست بأقلّ فضلاً منهما.
ويمكن دفعه : بأنّ الروايتين أقوى سنداً من رواية أبي بصير ، سيّما بملاحظة ما ورد في فضل إدخال السرور في قلب المؤمن من الأخبار القريبة من التواتر ، بل هي متواترة (٤) ، وهي أعمّ من صحيحة الحلبي وما في معناها من وجه ، لا مطلقاً ، والله الموفّق للخيرات.
__________________
(١) التذكرة ٦ : ٢٢٧.
(٢) التهذيب ٤ : ٣١٦ ح ٩٦١ ، الوسائل ٧ : ١٣٠ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ٧. قلت له : يدخل عليّ شهر رمضان فأصوم بعضه فتحضرني نيّة زيارة أبي عبد الله عليهالسلام فأزوره وأفطر ذاهباً وجائياً ، أو أُقيم حتّى أفطر وأزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين؟ فقال : أقم حتّى تفطر.
(٣) الكافي ٤ : ١٢٦ ح ٢ ، الفقيه ٢ : ٨٩ ح ٣٩٩ ، الوسائل ٧ : ١٢٨ أبواب من يصح منه الصوم ب ٣ ح ١ ، عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحاً ، فقال : يقيم أفضل ، إلا أن يكون له حاجة لا بدّ له من الخروج فيها أو يتخوّف على ماله.
(٤) الكافي ٢ : ١٨٨.