ثمّ قال في المسالك : ولو نوى اعتكاف يومين خاصّة من غير أن ينفي الثّالث ، فإذا أكملهما وحكم عليه بوجوب الثالث نواه واجباً وهكذا ، سلم من الإشكال ، وأوقع الاعتكاف خالياً عن الخلاف بسبب نية الوجه (١).
ويظهر ما فيه مما مرّ ؛ إذ لا معنى لنيّة الاعتكاف إلا على وجه قرّره الشارع ، ولا تحقق ماهيّته إلا بقصد الثلاثة ، وعدم نفي الثّالث لا يكفي في ذلك ، بل يجب قصد الثالث حتّى تتحقّق نية العبادة ، ومحض تصوّر (ذلك) (٢) لا ينفع في شيء كما عرفت.
وفهم صاحب المدارك من كلام المحقق أنّه أيضاً أراد ذلك الذي ذكره في المسالك أخيراً (٣) ، وهو غير واضح.
وكيف كان فالتحقيق ما ذكرنا.
وأما ما أورد على تجديد النيّة «بأنّ أقلّ ما يتحقّق به الاعتكاف هو الثلاثة ، وهي متصلة شرعاً ، ومن شأن العبادة المتصلة أن لا تفرّق نيتها على أجزائها ، بل تقع بنية واحدة» ففيه ما مرّ في مباحث نية الصوم ، وأنّ الأصحّ جوازه ، فراجعه.
وهذا الإشكال والجواب الذي أورده في المسالك ، ليس في بعض النسخ ، ولعله لما وجده غير تمام أسقطه ولم يطّلع عليه النساخ ، أو لعلّه زاد ذلك بعد انتشار نسخة الأصل ، فلم يطلع عليه من تقدّم عليه.
والأوّل أنسب بهذا الخبر المحقّق ، ولكن يظهر من المدارك أنّه من الزيادات الصحيحة عنده ، فإنّ صاحب البيت أدرى بما فيه.
ثمّ إنّا إذا بنينا على لزوم تجديد النية ، فقال في المسالك : وقته غروب اليوم الثاني ، فتكون النيّة بعد الغروب ؛ لأنّه وقت المخاطبة به ؛ إذ لا وجوب قبله حتّى ينوي (٤).
__________________
(١) المسالك ٢ : ٦٨.
(٢) بدل ما بين القوسين في نسخة : الثالث.
(٣) المدارك ٦ : ٣١٠.
(٤) المسالك ٢ : ٩٣.